حسن أسعد |
في الشمال السوري، وتحديدًا في مدينة أعزاز، أثمر تعاون كادر المركز الثقافي في الحفاظ على أهم مقتنياته، وتحديدًا ذاك الكنز المتمثل بثروة ضخمة من كتب العلم والمعرفة التي بلغت عشرين ألف كتاب.
صحيفة (حبر) زارت المركز الثقافي بأعزاز، والتقت السيد (محمد صالح دربالة) مدير المركز؛ للحديث عن أهم التحديات والضغوطات التي واجهتم في الحفاظ على المركز ومقتنياته، وفي ذلك يقول (دربالة): “المركز الثقافي في أعزاز من أقدم المراكز الثقافية، حيث كان الوحيد لعشرات السنيين في ريف حلب الشمالي كله.
ومع انطلاقة الثورة ومشاركة أبناء أعزاز بقية أبناء الوطن ثورتهم، كان هاجسنا الوحيد كيف نحافظ على محتويات المركز وتجنيبها مخاطر التعرض لعمليات القصف وآثار العمليات العسكرية التي طالت المدينة وتواصلت بشكل متقطع بعد تحريرها، هذه المخاطر أخذت شكلاً آخر تمثلت بمحاولة حرقها والعبث بها من قبل الذين لا يقيمون وزنًا للكتاب والمعرفة والعلم، فحاولوا سرقتها ووصلنا إلى مواجهة مباشرة مع هؤلاء، ثم تجاوز الأمر إلى حدِّ التهديد المباشر خصوصًا بعد أن تمكنا من إخفاء أهم محتويات المركز.”
وعن حجم الكتب الموجودة في المركز أوضح: “ثروة الكتب قوامها عشرين ألف عنوان، موزعة على ٤٠ ألف مجلد وكتاب، وهنا لابد من التوجه بالشكر والتقدير لأبناء مدينة أعزاز الذين كانوا عونًا لنا في الحفاظ على مكتبة المركز وإخفائها مرتين قبل أن تستقر الأوضاع في المدينة ليعود المركز من جديد مَعلمًا حضاريًا وثقافيًا بوجه جديد لاستقبال المهتمين بالفكر والثقافة ومختلف الفعاليات الاجتماعية المدنية.”
أما واقع العمل الحالي والأنشطة التي تنفذ فيه فأوضح (دربالة) أن “المركز مجهز بكافة مستلزمات وتقنيات العمل من ناحية القاعات والمدرجات والتقنيات الضرورية لإقامة مختلف الفعاليات الثقافية والاجتماعية من محاضرات وندوات وورشات عمل وإقامة الدورات العلمية والتدريبة.”
وأضاف أن “المركز يقوم شهريًا بتنفيذ ما بين ٨ و١٢ فعالية، وهذه الفعاليات تقام بالتعاون مع جهات المجتمع المدني والمنظمات العاملة، وهي لا تلبي الطموح في مدينة تشكل اليوم أحد أهم حواضر الشمال السوري.”
صعوبات ومعوقات العمل
وفي هذا الخصوص، أوضح (دربالة) أن “أهم معوقات وصعوبات العمل وإقامة الفعاليات، عدم توفر ميزانية مستقلة للمركز، وهذا الأمر يشكل عائقًا حقيقيًا، ويحد من خططنا الموضوعة لتفعيل عمل المركز وتنشيطه، والذي يتجلى بعدم مقدرة المركز ماديًا لدفع أجور تعويضات المحاضرين.”
وأردف أن “عدم وجود الميزانية أدى إلى قلة الكادر المؤهل والمدَّرب، فالمركز بحاجة أكثر من ١٠ موظفين في مختلف الاختصاصات.”
وهنا أشار إلى توقف الدعم الذي كانت تقدمه حكومة الائتلاف الأولى من خلال وزارة الثقافة التي ألغيت في تشكيلة الحكومات المتعاقبة، حيث قدَّمت الوزارة الدعم لتامين المستلزمات وترميم الأجزاء التي تعرضت للتدمير والخراب جراء محاولات إحراق المركز وسرقته.
وأكد أن “من أهم المعوقات منافسة وسائل التواصل الاجتماعي التي باتت توفر الثقافة الاستهلاكية السريعة لمختلف الفئات العمرية، ومن مختلف الشرائح الاجتماعية، هذه المنافسة دفعت الكثيرين لعدم ارتياد المراكز الثقافية والابتعاد عنها، والاعتماد على ثقافة الإعلام الإلكتروني وما يتفرع منها.”
بدوره أوضح (أنس عبد السلام) المهتم بالثقافة، والذي يرتاد المركز بشكل شبه يومي، أن “هناك حاجة ماسة اليوم لتطوير فعاليات المركز إلكترونيًا في جانبيين مهمين: الأول يتمثل بتحميل محتويات المكتبة إلكترونيًا وهذا يساهم بتفاعل المهتمين، والآخر يتمثل بتطوير الفعاليات أيضًا إلكترونيًا من خلال موقع إلكتروني يتم من خلاله تحميل روابط خاصة بالفعاليات والأنشطة التي تقام بالمركز.”
وأضاف: “يجب إقامة حملات توعية تستهدف مختلف الشرائح الاجتماعية، (محاضرات، ندوات، ملصقات، بروشورات).”
للمركز دور في تامين كافة الأـجواء والظروف المناسبة للمطالعة، والتحضير الدراسي للامتحانات المدرسية، والاعتماد على الكتاب كثقافة أو مرجع علمي ومعرفي، والأهم توفر أهم المراجع التي يحتاجها طلاب الجامعات والدراسات العليا.
أن تخاطر بنفسك وتتعرض للمخاطر من أجل كتاب، فهذا يستحق الاحترام والتقدير، كيف وحجم المخاطر بحجم كنز وثروة لا تقدر بثمن قوامها مكتبة تضم على رفوفها أكثر من أربعين ألف كتاب، هذه التضحية بحاجة من يستكملها اليوم ويهتم بها ويرعاها.