فراس مصري |
نموذج أخير نسرده حول أحد مشاريع الـ BOT حيث كنت رئيسًا للجنة فضّ العروض الفنية لمشروع (المواقف المأجورة)، والمتقدمون كانوا مستثمرين اثنين فقط، تقوم لجنة فضّ العروض بدراسة دفتر الشروط الفنية، وتضع سلمًا للعلامات من مئة بناء عليه، وتحدد درجة النجاح حسب المشروع، واذكر أنها كانت 70 درجة من مئة. وتوقِّع اللجنة على السلم وتصادق عليه من رئيس المجلس وتسلمه نسخة منه.
بعد دراسة دفتر الشروط، وقبل جلسة فتح العروض المُقدَّمة من المستثمرين، تواصل معي صديق يطلب زيارتي مع أحد المستثمرَين الاثنين، وكعادتي وبكل بساطة، أرحب بأي شخص؛ لأنني أثق بنفسي ولا يضيرني مقابلته ضمن حدود القانون.
بدأت الزيارة بمجاملات عادية وفنجان قهوة في مكتبي، بعد ذلك سألت المستثمر: ما المطلوب مني؟ فأجابني: “العدالة فقط”. استغربت كلامه، وقلت له: ألم تسأل عني حتى تقول ذلك؟ فأجابني: نحن نعرفك، لكن خصمي ليس سهلاً، فقلت: لا يهمني سوى قيامي بواجبي، فاستطرد قائلاً: هو صهر (أبو سليم دعبول).
ولمن لا يعرف (أبو سليم)، هو مدير مكتب (حافظ الأسد) ثم (بشار الأسد)، وهو من (دير عطية) ومنضبط جدًا بأوامر ولي نعمته، ويقال إنه كان يشكل الوزارات في بعض المراحل الزمنية.
أعدت تثبيت كلامي بأن هذا لا يهمني، ولك العدالة التي طلبت، وفعلاً تم الأمر ولن أطيل، فالتفاصيل كثيرة إلا أن العقد كان من نصيب المستثمر (طالب العدالة)، وجنَّ جنون الصهر المدلل الذي كان قد استحوذ على مشروع (المواقف المأجورة) في دمشق قبل ذلك، وكان يعدُّ أن هذا العقد سيكون من نصيبه.
واستمر في محاولاته أكثر من سنة بعد تلزيم العقد، وحتى بعد تنفيذه والشروع في الاستثمار، إلا أن محاولاته باءت بالفشل، ومن تلك المحاولات إرسال ابنه (حفيد أبو سليم) برفقة ابن وزير الداخلية ومحاولة التشكي عليَّ لرئيس المجلس، ومنها تحريك الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش ضدي، وهنا أسرد موقفًا يُذكَر لمعرفة الحقوق، إذ اتصل معي مفتش من الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش طالبًا مني زيارته للسؤال حول الموضوع، فاستفسرت منه: هل هي زيارة ودية لمعرفة بعض المعلومات أم أنه استدعاء؟ فقال: إنه استدعاء، فرفضت ذلك وطلبت منه أن يرسل لي استدعاءً من خلال مجلس المدينة الذي يجب أن يصوت على قبول استدعائي لأنني عضو مُنتخب، وبوساطة أحد الأصدقاء لاحقًا أعاد الاتصال وطلب زيارة ودية لمعرفة الحقيقة وليس استدعاءً، فامتثلت وزرته وشرحت له الموضوع، وبحمد الله تعالى دخل المشروع حيز التنفيذ مع من يستحق.
بعد فهم المشاريع الاستثمارية سأورد لكم قائمة بأهم المشاريع التي كانت أملاً لنا في تلزيمها على نظام الـ BOT والتي كانت إيراداتها ستجعل من مجلس مدينة حلب الأعلى ميزانية في تاريخه، والتي من المفروض أن تنعكس على خدمات المواطنين، وفيما يلي أُعدِّدُ لكم (مشاريع لزمت وتوقفت أو تعثرت) من ذاكرتي التي أرجو ألَّا تخونني ودون العودة إلى المراجع:
-مشروع باب الفرج (باريس غروب) – انسحاب المستثمر.
-مشروع ثكنة طارق بن زياد (شام القابضة) كان مستمرًا لحين انطلاق الثورة.
-مشروع مول في منطقة الزهراء (باريس غروب)، ثم باعه لمستثمر آخر، ثم توقف.
-مشروع مول في منطقة جمعية المهندسين (شركة الأمين)، ثم باعه لمستثمر، آخر ثم توقف.
-مشروع مول في منطقة جمعية المعلمين (رياض عسلي).
-مشروع أرض سوق الإنتاج (علاء كسادو).
-مشروع المواقف المأجورة (يوسف بالو) نفذ المشروع ووضع بالخدمة.
-مشروع الهجرة والجوازات (سراي إبراهيم باشا) (رياض كحالة) ثم سلمه لشام القابضة.
-مشروع فندق كارلتون القلعة على أرض المشفى الوطني القديم (العطار) نفذ ودخل بالخدمة.
-مشاريع قيد الدراسة لعرضها على نظام ال BOT: “مرآب باصات الجميلية، ومشروع مبنى الخدمات الفنية، ومشروع فندق في الحديقة العامة، ومشروع مول على أرض المعصرانية (طريق المطار)، ومشروع مدينة ألعاب في غابة الباسل، ومشروع حديقة حيوانات في غابة الباسل.)
ربما لم تسعفني الذاكرة لسرد كامل المشاريع، إلا أنني أعتقد بأن أقل إيراد سنوي كان سيأتي منها مجتمعةً لا يقل على 600 مليون ليرة سورية، أي ما يقارب 12 مليون دولار سنويًا في تلك المرحلة، إضافة إلى أن جميع هذه المشاريع ستعود ملكيتها بكامل الجاهزية لمجلس المدينة في فترة بين 15 إلى 40 عامًا حسب حجم المشروع في مكسب عقاري رائع لصالح المدينة.
وننهي أجزاء الاستثمار بتنهيدة طويلة وحسرة عظيمة على مدينتنا الجميلة.
حياكم الله