غسان دنو |
أعاني في حياتي اليومية من نعمة الأصدقاء والمعارف الكُثر، ليس لأني أكره الأمر فهو نعمة يحسد عليها المرء، لكن عملي في مجال الصحافة وتحرير الأخبار بشكل يومي جعلني طرفًا مستبعدًا في الأحاديث العامة والمشكلات التي يتعرض لها المجتمع.
مع أن الصورة التي أنقلها تعبر عن مشاكلهم ومعاناتهم بشكل حرفي في محاولة مني لأغير وأصحِّح، أو على الأقل لتسليط الضوء عليها وتذكير أصحاب الكراسي الحديثة بأننا لن نسكت، إلا أنني أتعرض للنقد والتنمر كلما شاركت في سهرة عامة أو مررت باجتماع دوري يومي لنساء الحي وهم يشترون البقالة والخضروات، وأطلق مسمعي عن غير قصد مستمعًا لقصة جارتنا (أم وائل) وهي تشكو معاناتها لجارتنا الأخرى (أم هشام) عن زوجها المثقف المتسلط، فأخذت رؤوس أقلام من حديثهما وسارعت إلى مدونتي كاتبًا بالخط العريض (معاناة زوجات المثقفين)، وبدأت بسرد الأحداث وما تعانيه (أم هشام) من زوجها الذي يقهرها بالصمت وكثرة القراءة، كأنها في المنزل قطعة أثاث أو كتاب يتصفحه عند الحاجة.
وأنهي قصتي بنصائح لأبي عمار وخالد وهشام، وعدة شخصيات بارزة في مجتمعنا البسيط، في محاولة مني لأصحح حياتهم الزوجية بعد اطلاعي على تسريبات من داخل الأسرة.
مهلاً.. هل قلت عندما كتبت عنوان مقالتي بالخط العريض (أم هشام) أو (أم وائل)؟! أذكر أني استمعت (لأم وائل) وهي تتكلم عن زوجها وتصفه بالمثقف الفهمان!!
أيضًا هنا لدي خطأ، أعلم تمامًا أن (أبا وائل) ليس مثقفًا بالعُرف الاجتماعي الذي يعرفه مجتمعنا، وهو كل شخص درس وتعلم وتخطى الثانوية، فجارنا يقرأ الجرائد باستمرار، وخاصة قسم الكلمات المتقاطعة التي تتعب تفكيره، لذلك يبدو أنه يطلب الصمت من زوجته التي تجاوزت السبعين وما تزال تنتقد زوجها.
ومن المفارقات الأخرى التي جعلتني مهابًا أينما حللت، نقلي للأحداث بحذافيرها دونما اكتراث لما يمكن أن تسببه من مشاكل لمصدر الخبر، فجاري (منيب) اسم مستعار، يعمل في أحد أقسام الدولة بإدلب، وبدون قصد سرد لي بعض الوقائع التي تحدث في مؤسسته من إهمال، وحرصت على نقل المعلومة كما هي، وهذا ما تسبب له بمشاكل كبيرة نوعًا ما؛ لأن المعلومات التي حصلت عليها لا تخرج إلا من مكتبه.
وكان الأفضل أن أذكر عبارة من مصادر مطلعة بدلاً من مصدر داخل المؤسسة (…) وأن أحرِّف قليلاً بالمعلومات التي حصلت عليها حتى لا أتسبب بضرر لأحد .
ممَّا سبق حاولت أن أقدم بضعة نصائح بشكل غير مباشر للأعزاء الكتَّاب في الصحافة اليومية وتحرير الأخبار، ولعلَّ أهمها ليس كل كلام تسمعه يُعدُّ مصدرًا صادقًا تنقل عنه، لذا عليك التحقق والتثبت قبل أن تقفز إلى مدونتك وتكتب.
في حال تثبتَّ من معلوماتك وأكدتها من أطرافها، تأكد من ذكر الاسم الصحيح للمعنين، ولا تخلط بين الشخصيات التي قابلتها في مكان عام، وحاول ألَّا تنشر كل شيء تحصل عليه إن كان فيه ضرر على مصادرك.