معن بكور |
تمتنع (أم عبدو) من أهالي حي (البياضة) أحد أحياء مدينة حمص عن العودة لمنزلها الكائن في شارع (الزير) أحد شوارع الحي، وذلك لخلوِّه من سكانه بعد تهجير بعضهم إلى مناطق الشمال السوري وعزوف البعض الآخر عن البقاء فيه وإعادة ترميم منازلهم التي خلفتها آلة البطش الأسدية خلال المعارك التي جرت بينه وبين فصائل الثوار، الأمر الذي جعل الشارع يشبه إلى حد كبير مدينة مصغرة للأشباح في ظل انعدام أبسط مستلزمات العيش من ماء وكهرباء وحاويات قمامة.
تروي (أم عبدو) لصحيفة حبر معاناتها في رؤية منزلها المسلوب من كل شيء حتى أكبال الكهرباء من الجدران سُحبت: “إعادة ترميم المنزل يحتاج مبالغ كبيرة جدًا، حيث إنه يحتاج إعادة بناء من جديد بعد هدمه بسبب التصدعات الكثيرة في جدرانه، فضلاً عن خلو الشارع من الجيران وأصحاب المنازل التي تركها أصحابها وقاموا باستئجار منازل مرممة معروضة للإيجار والبيع في شوارع أخرى من الحي، حيث إن شارع (الزير) ولكثرة المنازل المُدمَّرة فيه بات مهجورًا بسبب عدم اهتمام المحافظة بإعادة تأهيله بالسكان عبر تمديد أكبال الكهرباء وتنظيف الصرف الصحي، وغير ذلك من مستلزمات المعيشة كباقي أحياء المدينة.”
فيما أكد الحاج (أبو ياسر) من سكان حي (البياضة) لصحيفة حبر أن “سبب تردي الوضع إلى ما هو تحت المأساوي في حي البياضة والأحياء الأخرى في المدينة ذات النسبة السنية الأكثر سبب طائفي محض، حيث تنعم أحياء المدينة المأهولة بالطائفة العلوية بكافة الخدمات من كهرباء ومياه وحاويات قمامة في كل شوارعها، بالإضافة إلى إغاثات شبه شهرية من منظمات تابعة لحزب الله وإيران في المدينة.”
ويوضح (خالد غزال) (أسم مستعار لدواع أمنية) لصحيفة حبر أن “حقد الطائفة الشيعية على الغالبية السنية في المدينة واتهام تلك العائلات بتوريط أولادهم الذين غادروا إلى الشمال السوري في الحرب ضد نظام الأسد وحلفائه التي راح ضحيتها مئات الآلاف من موالين النظام، دفعهم بعد اعتلاء كرسي السلطة في المدينة إلى تهميش تلك الأحياء وجعلها مكبَّات قمامة في سعي منهم لتهجير الباقين من الأهالي بغية الاستيلاء على منازلهم ومحالهم لبسط النفوذ بشكل موسَّع، وتحويل المدينة إلى عاصمة لهم بعد ما كانت عاصمة الثورة، ولكن لن يدوم عزّ لهذه الشرذمة الفاسدة ما دام ينبض حبّ الثورة في قلوب الملايين الذين لن يرضوا بأن يحكمهم الأسد وزبانيته.”
وأضاف (غزال): “كل مهجر سيعود، وكل وضيع سيهوي في شرّ أعماله، ولابد للغياب من شروق يتبعه، ولا شك من مجيء يوم تزهر فيه روائح الياسمين متدلية على جدران البيوت الحمصية كما كان سالف العهد بها، مدينة عطرها ياسمين وأبطالها أحرار، وجلادوها عبيد.”
الجدير بالذكر أن مدينة حمص كانت من أولى المدن السورية التي نادت بالحرية وبإسقاط النظام البعثي، وقدمت لأجل ذلك الشباب والأطفال بغية نيل حريتها، ولكن حقد النظام على أهالي المدينة جعلها مدينة أشباح بعدما كانت مقصد كل زائر، والروح المرحة لكل سورية.