عبد الحميد حاج محمد
تستمر انتهاكات قوات الأسد والميلشيات التابعة له في المناطق التي سيطر عليها مطلع العام الحالي في ريف إدلب الجنوبي، والعام الماضي في ريف حماة الشمالي، حيث عملت تلك الميلشيات على نهب أرزاق وممتلكات المدنيين في تلك المناطق.
إن أبرز ما تقوم به الميلشيات اليوم هو جني محصول الزيتون من منطقة ريف إدلب التي تشتهر به، كون أغلب مزارعي إدلب يعتمدون بشكل أساسي على زراعة الزيتون في أراضيهم.
ونشرت صفحات موالية للأسد نصّ قرار صادر عمَّا يدعى (اللجنة الأمنية) التابعة لحزب البعث في حماة، يقضي بإجراء مزاد علني لتضمين محصول وأراضي الزيتون في منطقة ريف حماة الشمالي، وذلك للمقيمين خارج مناطق سيطرة الأسد، حسب القرار.
لم تكتفِ تلك الميلشيات بسرقة زيتون ريف حماة الشمالي، حيث نشرت صفحة موالية تُدعى (زيتونة الآن) منشورًا أوضحت فيه عن إجراء مزاد علني لتضمين أراضي الزيتون في ريف إدلب؛ وذلك في منطقتي (معرة النعمان، وسراقب).
وقال الصحفي (عمر حاج أحمد) لصحيفة (حبر): “إن نظام الاسد وميلشياته دائمًا ما تتبع سياسة الانتقام من المدنيين، فكيف إذا كانوا خارج سيطرتها؟! ولهذا اتبع نظام الأسد عدة عمليات ضد الموجودين خارج سيطرته كما يسميهم.”
وأضاف: “مؤخرًا عمل نظام الاسد على تأجير بساتين الزيتون لشبيحته لمدة موسم واحد، وجني محاصيل التين والزيتون في المناطق التي احتلها العام الماضي، ممَّا جعل هؤلاء يجنون المحصول وبعدها يقومون بقطع الأشجار وبيعها داخل مناطق النظام للتدفئة بفصل الشتاء القادم.”
وعن الأضرار التي خلفتها انتهاكات قوات الأسد يقول (عمر): “الأضرار المُقدَّرة من حرق أشجار الفستق الحلبي تزيد عن عشرات ملايين الدولارات، وأما أشجار الزيتون فالمناطق التي احتلها نظام الاسد خلال حملة التصعيد الأخيرة تجاوزت 3050 كم مربع من أصل 6400 كم مربع، أي نصف المناطق المحررة قبل الحملة، وبالتالي خسرنا قرابة نصف الأرزاق من أشجار مثمرة (كالتين، والزيتون، والفستق الحلبي) ونصف الأراضي الزراعية المخصصة لزراعة الحبوب والخضراوات.”
ويشير حاج أحمد إلى أن “عدد أشجار الزيتون التي خسرناها خلال العام الماضي تجاوزت 5 مليون شجرة مثمرة، وهذا العدد مُهدد أغلبه بالقطع، حسب سياسة الانتقام التي يتبعها نظام الأسد وميلشياته.”
ويعتمد الأهالي بريف إدلب بشكل كبير على موسم الزيتون التي تعدُّ محافظة إدلب هي المصدر الأول له في سورية، والكثير من مزارعي إدلب ينتظره من الموسم إلى الآخر ليجني موسمه ويسد رمقه.
(أبو محمد) أحد مزارعي ريف إدلب خسر أرضه جراء تقدم قوات الأسد الأخير يقول لحبر: ” كان اعتمادنا بشكل كبير على موسم الزيتون، فلم يدع لنا آباؤنا وأجدادنا سوى أشجار الزيتون نعتاش منها، حيث كنا نرعاها طوال العام لتعطينا الزيت آخر العام لكي يعيننا على ظروف الحياة.”
الآلاف مثل (أبو محمد) حرمهم الأسد من جني محاصيلهم، ولم يعد يملكون حولاً ولا قوة, فما يملكونه تركوه بأرضهم وتهجروا بثوبهم الذي يرتدونه إلى مخيمات الشمال.
وقد أخبرنا (أبو محمد) الستيني أنه ليس المهم ضياع موسم هذا العام وحسب، بل ما يهم أن أشجار الزيتون التي تجاوز عمرها عشرات السنين أصبحت اليوم بلا رعاية، ومن المؤكد أن تلك الأشجار سيتراجع إنتاجها وسيضربها المرض، ما سيؤدي إلى يباسها.
ويؤكد (حاج أحمد) أن “ميلشيات الأسد تقوم بقص أغصان الزيتون وقطفها على الأرض كون ذلك أسرع لهم من قطافها وهي على الشجرة، وبعدها تقوم بقطع الشجرة وشلعها من جذورها.” ويشير إلى أن الصور تثبت ذلك وخاصة الصور الفضائية التي أظهرت فقدان مساحات شاسعة من بساتين الزيتون المثمر في ريفي إدلب الجنوبي والشرقي.
الأهالي يخاطرون ويجنون محصول الزيتون
ولشدة عوز الأهالي وحبهم لمحصول الزيتون وموسهم، يخاطر البعض منهم لجني محصوله القريب من خطوط التماس مع مناطق سيطرة قوات الأسد، وقد أدت مخاطرة البعض إلى استشهاد العديد من المدنيين وجرح آخرين.
(أحمد) من ريف سراقب يخاطر بنفسه لجني محصوله من الزيتون، وذلك من خلال دخوله إلى مناطق قريبة من سيطرة قوات الأسد تقع بين خط رباط فصائل الثوار وقوات الأسد، حيث تعد منطقةً خطيرة لوجود الألغام فيها.
يخبرنا (أحمد) أنه يدخل برفقة شباب آخرين إلى أراضيهم القريبة من خط الجبهة، ويقول: ” ندخل بالسيارة إلى منطقة متأخرة عن خط الجبهة، ثم نقوم بالدخول في الصباح الباكر إلى أراضينا باستخدام الدراجات النارية، ونعمل بحذر بسبب وجود الألغام في بعض الأراضي.”
ويضيف: “لا نستطيع العمل على جني المحصول لآخر النهار بسبب نشاط عناصر قوات الأسد في فترة ما بعد الظهر، فالعمل يكون بساعات الصباح وحتى الظهر، ثم الخروج من المنطقة.”
وقد أكد (أحمد) أنهم تعرضوا لأكثر من مرة لإطلاق رصاص بالرشاشات من قبل قوات الأسد على المنطقة التي يعملون فيها لجني محاصيلهم، وذلك بعد كشف قوات الأسد لحركتهم في الأراضي.
قرارات تمنع الأهالي من الدخول إلى أراضيهم في المناطق القريبة
بدورها تمنع نقاط الرباط الأهالي الراغبين في جني محصولهم من الدخول إلى نقاط متقدمة من سيطرة قوات الأسد، إلا أنه، وبحسب ما حصلت عليه (حبر)، يحصل هناك بعض التجاوزات نتيجة المعارف الشخصية، أو كون الراغب بالدخول يحمل صفة عسكري.
وأكد المتحدث العسكري في هيئة تحرير الشام (أبو خالد الشامي) لصحيفة حبر أن غرفة عمليات (الفتح المبين) تسعى إلى تأمين أرزاق المدنيين من أراضٍ وأشجار مثمرة قريبة من خطوط الرباط بين فصائل الثوار وبين ميلشيات الاحتلال، وذلك بحمايتها من أيدي العابثين ومن السراق في ٱنٍ واحد.
ويضيف (الشامي): “لا يسمح بالوجود في الأراضي الواقعة في خطوط التماس والمكشوفة على مناطق وأنظار العدو، إلا في ظروف ضيقة جدًا نظرًا لما تشهده من قصف متواصل وعمليات القنص والغدر من العدو، فالمصلحة هي إبعاد الأهالي عن الخطر، كما يتم اتخاذ هذه الإجراءات لحسابات عسكرية أخرى.”
وأشار (الشامي) إلى أنه “بالنسبة إلى دخول الأهالي إلى أراضيهم فيلزمهم قبل ذلك التنسيق مع مسؤول الرباط في المنطقة، لتحديد الجهة وتسهيل عملها.”