لا يمكن أن نفرق بين الاقتصاد والسياسة ، أو بين الاقتصاد وصناعة الرأي العام ، فالاقتصاد عمود فقري لأي جسم ناشئ على هذه الأرض، بدءاً بالإنسان ذاته ومروراً بجميع المشروعات السياسية والاجتماعية والعسكرية ، وحتى الدينية، فاللبنة الاقتصادية هي الأهم في مشروع النهضة، وهي ركيزة الاقناع الأولى التي تجتذب الجماهير، فلا ينبغي إهمالها أو التعامل معها بعقلية اعتيادية .اقتصاد اليوم يختلف مئات المرات عن الاقتصاد الذي نشأنا عليه ودرسناه في مناهجنا الجامعية ، فهو في تغير مستمر ومتسارع وفق نماذج متعددة تسعى كلٌ منها لإثبات قدرتها على الثبات والاستمرار في وجه عواصف المتغيرات والأزمات .إن هذه الأهمية لم تغب عن مدرسة النبوة منذ اللحظة الأولى لتأسيس نواة الدولة ، فحملت المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار بعداً اقتصادياً فتح سوق العمل للجميع مما أسهم في ازدهار تجارة المدينة التي كانت ذات طابع زراعي ، ثم ما لبث ان انطلق السوق الإسلامي في المدينة لينافس اليهود، ويقضي شيئاً فشيئاً على المعاملات الربوية الرائجة وقت ذاك .ما نود الإشارة له هنا هو ضرورة التركيز جيداً على البعد الاقتصادي في مشروعنا السوري القادم، من خلال دراسة النماذج الأفضل لدولتنا الناشئة والتي تلبي طموح الجماهير وتستند إلى قيمهم ومرجعياتهم، وتحقق لهذا المجتمع الوفرة التي يحلم بها لتساعده على النهضة في المجالات الأخرى .المهمة هنا ليست سهلة على الإطلاق ، ولكنها ليست مستحيلة وأمامنا تجارب عديدة في هذا المجال بدءاً بالتجربة الألمانية ومروراَ بتجربة جيراننا الأتراك وليس انتهاء بالتجربة الماليزية الرائدة، ينبغي علينا الاستفادة منها جيداً، لا أن نبدأ من جديد في محاولات عابثة لن نستفيد منها إلا ضياع مزيدٍ من الوقت لصالح اعدائنا . المدير العام / أحمد وديع العبسي