سيقول لي بعض أبنائي وبناتي : ما هذا السؤال ؟ وهل هناك من لا يرغب في معرفة نفسه ؟ نهم نحن جميعًا نحب أنْ نكتشفَ , ونعرف كلَّ ما يمكننا معرفته .إذا صحّ هذا فهو جميل . لديّ مقياس سهل الاستخدام , يمكن كلّ واحد منكم أن يعرف من خلاله وضعيته العامة , هذا المقياس هو نوعية ما تلومك نفسك عليك , قد أقسم الله – تعالى – بالنفس اللوامة , فقال : (لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ) المؤمن تعاتبه نفسه وتلومه , والفاجر عتاب نفسه له قليل , وهو ماضٍ في انحرافاته غير مكترث بشيء , وكلّما ارتقى العبد في مدارج الفلاح والصلاح ارتقت نوعية لوم نفسه له , ونوعية عتبها عليه . هناك من لا تلومه نفسه , ولو مضى عليه شهر دون أن يركع لله – تعالى – ركعة ! وهناك من تلومه نفسه إن فاتته صلاة فريضة من الفرائض , ومن تلومه نفسه إذا فاتته تكبيرة الإحرام خلف الإمام .. هناك من لا تلومه نفسه على التفريط في القراءة , ولو مضى عليه سنة دون أن يفتح كتاباً ! وهناك من تلومه نفسه إذا لم يقرأ كل يوم أربع ساعات . وهناك من تلومه نفسه إذا تأخر عشر دقائق عن وقت التحاقه بعمله , ومن يغيب اليوم تلو اليوم دون عذر مقبول , ودون أن يلقى من نفسه أي لوم ..وهكذا على مقدار حيوية ضمائرنا وعلى مقدار سمو منازلنا ومراتبنا تكون شدة تقريع نفوسنا لنا , وترتقي نوعية العتاب الذي يجلجل في أعماقنا .ما الذي يعنيه هذا بالنسبة إلى بناتي وأبنائي ؟إنه يعني الآتي :1- أصغوا جيداً إلى الصوت النوراني المنبعث في أعماقكم والذي يؤنبكم على التقصير والتفريط .2- اسألوا أنفسكم : هل نوعية العتاب الموجه إليكم في داخلكم آخذة في الارتقاء والتسامي , أو أنها آخذة في الانحطاط والتدهور ؟ واتخذوا من الجواب معياراً تتحاكمون إليه .3- راجعوا تصرفاتكم ومواقفكم , وحاولوا تقويمها وبلورة آرائكم فيها .4- دعموا قدراتكم على الإحساس بالذنب والتقصير , وحاولوا غسل السيئات بالحسنات .