تصاعدت وتيرة الخطاب العنصري الأسبوع الماضي ضد اللاجئين السوريين في لبنان على خلفية التفجيرات الانتحارية التي ضربت منطقة البقاع ذات الأغلبية المسيحية والقريبة من الحدود مع سوريا والتي خلفت عشرات القتلى والجرحى من أبنائها، فسارع الكثير إلى توجيه أصابع الاتهام للنازحين السوريين، وإلباسهم تهمة الانتماء إلى المجموعات الإرهابية خاصة أولئك الذين يقطنون في المخيمات.
لم تعد الألفاظ العنصرية التي يتفوه بها معظم اللبنانيين للنازحين السوريين تعبر عن مدى كراهيتهم لهم، بل تعدى الأمر للاعتقال والتعدي عليهم بالضرب (كفشة خلق) وانتقاما للضحايا وهذا ما يحدث عند كل مشكلة أمنية في لبنان، وأول ردٍ كان من قبل الجيش اللبناني الذي قام بحملة دهم واعتقال أكثر من 500 شاب سوري بتهمة وجودهم ضمن الأراضي اللبنانية بصورة غير شرعية، كذلك دعا البعض إلى ترحيل كافة النازحين من لبنان، وآخرين طالبوا بحرق مخيماتهم.
وقد هددت “حركة أحرار البقاع الشمالي” في بيان مصور قام عدد من الشبان بتوزيعه على النازحين السوريين، بقتلهم وأطفالهم، واغتصاب نسائهم، وحرق بيوتهم في حال عدم مغادرة المنطقة خلال 48 ساعة، وكان مجموعة أخرى من الشبان اللبنانيين قد اعتدوا بالضرب في منطقة حراجل في جبل لبنان على عشر عائلات سورية، ولم تتخذ البلدية أي إجراء بحقهم، بل على العكس وضعت الحق على الشباب السوريين بحجة وجودهم غير الشرعي في لبنان.
كما وصل الأمر إلى دعوة تسليح المسيحيين، وتشكيل لجان دفاع شعبية من قبل القوات اللبنانية بشكل علني؛ لمحاربة اللاجئين السوريين، وقد تداول البيان مجموعة كبيرة من اللبنانيين على صفحات التواصل الاجتماعي.
وردا على هذا القرار أطلقت مجموعة من اللاجئين السوريين في مناطق متعددة داخل الأراضي اللبنانية ” القاع، بيروت، طرابلس، عكار” بيانا استنكروا وأدانوا فيه التفجيرات التي حصلت في القاع، وأكدوا رفضهم لوجود أي نوع من أنواع السلاح داخل المخيمات، وأدان اعتبار الأفراد المتورطين بعمل إرهابي يمثلون كافة اللاجئين، كما وأدان البيان أي تدخل خارجي مسلح في الشأن السوري، وطالبوا بحماية اللاجئين اللبنانيين من نساء ورجال وأطفال.
هذا وتقدر العمالة السورية في لبنان بنسبة 90 % من مجمل العمالة الكلية حسب تقدير نقابة المقاولين اللبنانيين، إلا أنَّها ارتفعت لمليون منذ بداية الأزمة السورية جراء توقف الكثير من المعامل والمصانع داخل سوريا وازدياد البطالة.
فأينما تذهب في لبنان ترى عمالا سوريين، فالسوري بنَّاء، مزارع، سائق، نجار، حلاق، فران، جزار، وعاملا في المطاعم والمحال التجارية والفنادق، والخلاصة: إنَّ السوري في لبنان يعتبر الطاقة التي تساهم في تراكم الثروة اللبنانية.
إلا أنَّ معظمهم اضطر للعمل في تلك الظروف القاسية وغير الائقة إنسانيا وقانونيا؛ لتأمين أبسط مقومات الحياة، أولها الأمن والمسكن ولقمة العيش.
ليس أمر طرد السوريين بحديث على السوريين، فمنذ بداية الأزمة تعددت الحملات اللبنانية لطردهم عامل على وسائل الإعلام كافة بتهمة تشكيل البطالة بين اللبنانيين وأخذ فرص عملهم، إلا أنَّ أرباب العمل لم يشاركوا في هذه الحملات؛ لعدم قدرتهم بالاستغناء عن العامل السوري كونه يتقاضى سعرا أقل من اللبناني ويملك مهارات أكبر، فترك العمال السوريين للبنان سيؤدي إلى شلل العمل فيها، من ناحية أخرى أي دعوة للسوريين بمغادرة الأراضي اللبنانية هي دعوة للموت تحت القصف والحرب الدائرة.
يذكر أنَّ حال اللاجئين في لبنان كحالهم في معظم دول اللجوء، كالأردن التي اتخذت إجراءات أمنية مشددة أيضا بعد التفجير الإرهابي على الحدود مع سوريا، إلا أنَّه في الوقت الذي يتصاعد فيه خطاب الكراهية ضد اللاجئين السوريين يحاول بعض الناشطين المصريين على وسائل التواصل الاجتماعي بحملة مضادة عبروا فيها عن ترحيبهم بالسوريين المقيمين في مصر، كذلك في السودان يحظى السوريون بمعاملة حسنة، وتعتبر السودان من البلدان المضيفة للشعب السوري بشكل يليق بإنسانيتهم.
هربا من مرارة الحرب والموت إلى مرارة الاضطهاد والاستغلال، يبقى السوريون بلا منظمة أو قوة سياسية أو حكومة وطنية تحميهم وتدافع عن حقوقهم بعد أن يئسوا من الحل السياسي في بلادهم.
سلوى عبد الرحمن