عبد الملك قرة محمد |
لا تجد فاطمة الأحمد (30 عامًا) حرجًا من العودة إلى مقاعد الدراسة لتعلم أحرف اللغة العربية ومبادئ القراءة والكتابة، فهي تؤمن بمقولة: “اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد.”
وانطلاقًا من دورها المجتمعي أطلقت وحدة المجالس المحلية مبادرة تعليمية عبر دورات خاصة بمحو الأمية لدى النساء في بلدة (سجو) في ريف أعزاز شمال حلب وذلك للمرة الأولى منذ تحرير المنطقة.
وتسمى المبادرة مركز “شروق المرأة” الذي يقدم خدمات ودروات متنوعة تم اعتمادها بعد دراسة متأنية لمتطلبات النساء في بلدة (سجو) التي تعاني من ضعف في التعليم نتيجة التهميش الذي كان يمارسه نظام الأسد على أهالي البلدة وسائر البلدات في ريف أعزاز.
ويلقى تدريب محو الأمية في المركز إقبالاً كبيرًا من قبل النساء اللواتي يشعرنَ بحاجة ماسة لتعلم مبادئ القراءة والكتابة العربية.
(صحيفة حبر) التقت مع السيدة (رجاء الشبيب) لوجستية في مركز “شروق المرأة” التي تحدثت عن أهمية المركز في بلدة (سجو).
وقالت (رجاء): “إن المركز يضم عدة نشاطات كالخياطة والدعم النفسي والإسعاف الأولي، لكننا لاحظنا إقبالاً كبيرًا على تدريب محو الأمية الذي يعدُّ أهم التدريبات المقدمة، نظرًا للضعف التعليمي في بلدة (سجو) بسبب إقبال النساء على العمل في الأرض وعدم الالتحاق بالمدارس.”
وأشارت إلى أن اختيار التدريبات جاء بعد اجتماع مع المجلس المحلي وعدد من الأهالي في بلدة (سجو) والاستماع إلى أهم احتياجاتهم.
وأكدت السيدة (رجاء) أن “تدريب محو الأمية كان الهدف الأساسي من المركز، وقد حقق حتى الآن أهدافه كاملة، فقد تمكن المركز من جذب ما يقارب 30 مستفيدة شهريًا ضمن تدريب محو الأمية، بالإضافة إلى أكثر من 200 ضمن التدريبات الأخرى.”
ونوهت إلى أن “إهمال نظام الأسد لهذه المناطق تعليميًا، إضافة إلى ظروف الحرب والفقر الشديد أدت إلى ارتفاع ملحوظ بنسبة الأمية في بلدة (سجو) وبعض البلدات المجاورة، لذلك كان لزامًا علينا طرق هذا الباب والعمل فيه من خلال كادر نسائي متخصص.”
ويتميز المركز بأنه يقدّم خدمة المواصلات المجّانية لعشرات المستفيدات المُقيمات في المخيمات المحيطة ببلدة (سجو)، إضافة إلى بعض القرى مثل (يازباغ)، ممَّا ينعكس إيجابًا على عدد المستفيدات من المشروع، حيث تتيح هذه الخدمة مشاركة عدد أكبر من النساء.
من جهتها تنوه المتدربة (فتحية) إحدى المتدربات في محو الأمية، إلى أنها تجد صعوبة كبيرة في التعلم، لكنها بدأت تتأقلم، فالدورة جعلتها تشعر بأهمية العلم وارتباطه بكل مفاصل الحياة، ودفعها ذلك لإرسال أبنائها إلى المدرسة كي يتعلموا ويحصدوا حظًا من العلم أوفر من حظها.
وإلى جانب المهمة التعليمية، يسعى المركز إلى توفير فرص عمل للنساء عبر عدد من المهن، فالمتدربة (وردة) من ريف عفرين تقول: “في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها العائلات السورية عمومًا والنساء خصوصًا ولأني حرمت التعليم قررت أن أنمّي هواياتي في تعلم أساسيات (الكوفرة) لأكون امرأة فاعلة في المجتمع.”
أما المتدربة (حاجة) تقول: “كنت سعيدة جدًا عندما علمت بافتتاح مركز لتعليم الخياطة؛ لأن حلمي أن أصبح خياطة وأكون امرأة مكتفية ذاتيًا وقادرة على تأمين احتياجات أولادي دون الحاجة إلى أحد.”
ويجدر التنويه إلى أن وحدة المجالس المحلية أطلقت مبادرات مجتمعية مهمة وفاعلة في مختلف مناطق الشمال السوري المحرر، انطلاقًا من تقييم احتياجات المجتمع، لتحقيق أكبر فائدة ممكنة من المشاريع.