رنا الحلبي
إنَّ واقع التعليم في المناطق المحررة منذ بدء الثورة يعاني من نقص في الكوادر التعليمية وضعف في الكفاءات العلمية نتيجة هجرة أصحاب تلك الكفاءات وتفضيلهم العمل ضمن مناطق سيطرة النظام، وممَّا هو أعجب وأغرب ويثير التذمر والغضب وجود معلمين يزاولون مهنة الفكر والعلم ضمن مدارس تعليمية في مناطقنا المحرّرة تتبع إدارياً وتنظيمياً للنظام السوري بكل ما يحويه من فكر بعثيّ فاسد مقيت.
فأيّ فكر يزرعه هؤلاء المدرّسون في طلابنا؟ وأيّ تحليل وتفسير يقدّمه أولئك المثقفون لصغار الطلبة من أبنائنا في ثنايا الدرس والصواريخ والقذائف فضلاً عن البراميل المتفجّرة التي تنهال فوق رؤوسهم جميعاً؟ ماهي القيم التي يبثّونها في نفوسهم وأراوحهم في كل فقرة من فقرات أي درس يعطونه علما أنَّ الإناء بما فيه ينضح؟
وبعد مرور ما يقارب أكثر من خمسة أعوام، عملت مديرية التربية والتعليم المحررة في حلب جاهدة لإنهاء تلك الظاهرة المشينة غير السليمة، فوجود المعلمين في مناطق الثوار يجب بل يتحتم قطعا أن تتبع إداريا وتعليميا لملاك التربية الحرة، وأن تقدم مديرية التربية ما يخدم مصالحها، وتغرس في نفوس طلابنا قيم حرية الفكر والرأي، إذ لا يعقل أن نطالب بالحرية والكرامة ونحن نحتضن وندرس بعض الأفكار التي تدعم وتسيطر على تفكير تلاميذنا.
وفي زيارة من حبر لمديرية التربية والتعليم الحرة والحوار مع السيد (محمد مصطفى) مدير التربية في حلب، أكد الأخير بدوره على أهمية تنفيذ هذا القرار الذي يهدف إلى ضبط العملية التعليمية والتربوية، ودحض مزاعم النظام الذي يدَّعي أمام الأمم المتحدة بأنَّه يدير العمل تعليميا في مناطقنا، ونوّه إلى أنَّ هذا القرار لا يمنع المعلمين في تلك المدارس من ممارسة عملهم ضمن مدارسنا إلا أنَّه يمنع الفائض من المعلمين الذين يعملون شكليا لقبض رواتبهم فحسب، وسألنا السيد (محمد مصطفى) عن تأخير التوقيت في تنفيذ هذا القرار فأجاب: “إنَّ السبب في ذلك كان من أجل السماح للمعلمين بأخذ رواتبهم من النظام في فترة العطلة الصيفية علما أنَّ المديرية الحرة ليس لديها أجور ورواتب أثناء هذه العطلة، وأيضا من أسباب تأخر تنفيذ هذا القرار هو الخشية من خطوة النظام بسحب أولئك العاملين لديه سابقا.”
وفي لقاء لحبر مع السيد (أحمد زكور) رئيس دائرة التعليم الأساسي الذي تحدث لنا عن طريقة تنفيذ القرار الودية والاتفاق مع مدراء المدارس وتشكيل أربع لجان للتنسيق مع مدراء المدارس التابعة النظام وهي: مدرسة زكي جمعة، نديم نحاس، عبد الكريم الصالح، غزة الصامدة.
وذكر السيد(زكور) أنَّ نسبة المعلمين الذين انضموا لملاك التربية الحرة كانت متفاوتة، ففي مدرسة زكي جمعة انضم معلمان من أصل خمسة وثمانين، وفي مدرسة أخرى انضم ثلاثون معلما من أصل مئة وستة معلمين.
وهنا يأتي دور المعلم وجهاده فهو لا يقل عن جهاد المقاتل، فالمعلم يحمل القلم داخل صفه الدرسي، والمقاتل يحمل البندقية في ساحات القتال، فكلاهما يجب أن يعملا بجهد وإخلاص للدفاع عن أرضهم والثأر لدماء الأبرياء التي أغرقت أرض سوريا.
فهدفنا أولا وآخراً إسقاط ذلك النظام بكافة أشكاله، فهو غايته إبقاء أطفالنا في ظلمات الجهل كي لا يقوى على مواجهته ومحاربته وإسقاطه.
مهنة التعليم من أرقى المهن لا سيما في وقتنا هذا، الأمر الذي يتطلب منا تعزيز القيم لدى الطلاب وتوحيد مناهجنا بما يتناسب مع أهداف ومصالح ثورتنا، فالذي يتناقض مع قيمنا ومبادئنا التي ثرنا لأجلها هو أن تُدّرس في المناطق المحررة مناهج تعليمية مسمومة تسعى إلى تلميع أعمال النظام في قصفه مدننا وأحيائنا ومدارسنا في ثناياه، وتتنافى مع أهداف ثورتنا التي أمعن بجرائمه المتسلسلة التي يرتكبها بحق الأبرياء دون شريعة أو قانون.
ومن واجبنا الذي يتحتم علينا أخلاقيا وإنسانيا ودينيا أن نعمل بكل ما أوتينا من قوة للقضاء على وجود تلك المدارس وضمها بشكل كامل لملاك التربية الحرة التي أصبحت مؤخرا تؤمن الرواتب للعاملين لديها، وتؤمن خدمات عدة كإقامة ندوات واجتماعات ومحاضرات لتطوير وتحسين آلية عمل المعلمين، كما قامت بتعيين مشرفين وموجهين للتعاون مع المدراء والمعلمين وتنظيم سير العملية التعليمية.
فهل تحتمل ثورتنا التي قدمت الغالي والنفيس في سبيل تحقيق مطالبها وجود خلايا تتبع للفكر الإجرامي؟!
وهل لدينا الامكانيات لننهض بمناهجنا ونرتقي بطلابنا للوصول إلى أهداف الثورة؟!