بقلم راوية عبد الرحمن
لقد جعل الله سبحانه وتعالى الأولاد زينة الحياة الدنيا، وجعل القلوب تهفو إليهم وترتاح برؤيتهم فكانوا بشرى ﻵبائهم، ومصدر سعادة وراحة لهم، فلا غرابة أن يبذل اﻷهالي قصارى جهدهم في رعاية هذه العطية الربانية حق رعايتها، وتربيتها التربية التي ينهض بها المجتمع ويكون فيها صلاحه ونهوضه.
ويعدُّ اختيار اسم المولود من أول النقاشات التي تتصل به بين اﻷبوين، ومن أول اللبنات التي يضعونها في حياة أبنائهم، لما للاسم من أهمية وانعكاسات على ذات المسمى، وكثيرا ما يطلق الاسم على الجنين وهو في رحم أمه قبل أن تستقبله الحياة، وهنا تأتي المسؤولية التي يغفل عنها البعض أو يستهتر بها، ألا وهي اختيار اللفظ المسمى.
إنَّ اختيار اسم الطفل بداية يعكس ذوق اﻷبوين وحسهما الجمالي ورصيد الاختيار في جَعبتهما وثقافتهما في غالب الأحيان، وعملية الانتقاء هذه ستنعكس _لا شك_ سلبا أو إيجابا على الطفل، ولذلك يعدُّ اسم الطفل من أول حقوقه في هذه الحياة، فعن عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” حَقُّ الْوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ أَنْ يُحْسِنَ اسْمَهُ، وَيُحْسِنَ مِنْ مَرْضَعِهِ، وَيُحْسِنَ أَدَبَهُ ” فهذا الاسم سيظل لصيقا بالطفل في جميع مراحله، وسينعكس على شخصيته، وسيؤثر في تشكيل شخصيته وعلاقاته الاجتماعية، وربما يلعب دورا مهما في طريقة تفكيره ونمو عقليته وعواطفه، ولذلك قيل قديما لكل مسمى من اسمه نصيب، وثمة فرق كبير بين فتاتين سميت أولاهما بعائشة، فهي تستحضر في ذهنها كلما نوديت أو فكرت باسمها شخصيات عظيمة كان لهنَّ دور كبير في خدمة أمتهن، وسميت ثانيهما بجولي أو تالا أو ساندي أو كاسندرا أو غير ذلك من الأسماء الأجنبية.
لا شكَّ أنَّ الطفل سيشعر بالحرج إذا ما قيل له إنَّ اسمك لا معنى له أو إنَّ معناه قبيح ولا يمت بصلة إلى المجتمع الذي نشأ فيه، وربما يحقد على والديه حقدا كبيرا لتسميته اسما جعله موضع سخرية من قبل أخدانه وأقرانه، يمكنك أن تتصور ذلك الحرج الذي على سيدة سئلت عن اسمها في جو اجتماعي فأجابت اسمي اغتصاب، هذا ممَّا يجعلني ويجعلك نحزن على تلك السيدة التي ولدت من أبوين جاهلين.
ولقد ابتليت مجتمعاتنا الحديثة إضافة إلى ما تحمله من طامات كبرى بجملة من اﻷسماء الغربية المستوردة التي تدَّعى بالموضة، بحكم اﻹعجاب والافتتان باﻷقوى وتقليده، فكثير من اﻵباء يصنفون اﻷسماء على صنفين: قديم كاسم جدي وجدتك، وحديث كاسم المغنيات والراقصات، وبعض اﻵباء يختار الاسم بناء على وقعه الموسيقي في أذنه فقط، ثم يكتشف أنَّ معناه غاية في القبح.
ولذلك ينبغي أن نختار أسماء أولادنا من ثقافتنا العربية اﻹسلامية؛ ﻷنَّ صاحب هذا الاسم هو واحد من أبناء هذه اﻷمة، ولا بدَّ من أن يدل اسمه على انتمائه إليها.