يدخل السوريون اليوم مرحلة جديدة بكامل تفاصيلها مع نشاط مكثف للجهود السياسية على حساب الأعمال العسكرية، وبداية تمحور هذه الجهود بمسارات واضحة كاللجنة الدستورية وبدء العمل على مسار الانتخابات، والتعديلات التي يتم الحديث عنها في هيئة المفاوضات والتمثيل السياسي للمعارضة من أجل حلّ القضية السورية أو طيها على الأقل.
كما يبدو أن الخصوم الدوليين والإقليمين أصبحوا بحاجة تفاهم في هذه المنطقة بعد فتح ملفات خصومات جديدة وتغيرات دولية قد تجعل من الأعداء أصدقاء، وتعيد رسم خريطة التحالفات والنفوذ في سورية من جديد.
ما يهم هنا التركيز على الوعي الشعبي وضرورة مواكب الجماهير هذه المرحلة الجديدة وما تتطلبه من هدوء، ومحاولة فهم متغيراتها بعيدًا عن الحماس والنزق الثوري المعتاد، دون أن يعني هذا الخضوع لها مطلقًا، لكن على الأقل محاولة الاستفادة من الممكن، ورؤية الخيارات المتاحة جميعها قبل الذهاب إلى خيارات هامشية ضيقة في أي مسار سياسي أو عسكري.
ليس سهلاً على اللجنة الدستورية صياغة دستور بدون دعم شعبي لهذه اللجنة بمكوناتها الثلاثة، وترسيخ أهمية ثقافة الحياة الدستورية والتعاقد الاجتماعي والحقوق والواجبات، وكيف يمكن بناء دستور محمي شعبيًا يركز على مصالح الشعب ومطالبه التي قاد من أجلها النضال في سبيل الحرية والعدالة.
كما أنه من المستحيل أن يتم تفعيل مسار الانتخابات، إذا لم يتم توفير بيئة آمنة ومحايدة وترسيخ ثقافة الاختيار الحرّ عند الشعب، والتخلص الكامل من السلطة الاستبدادية؛ لأن أي انتخابات بوجود هذه السلطة ستكون انتخابات مليئة بالخوف مهما توفرت لها من الرقابة الدولية.
كما أن العمل على تساوي فرص الترشح والإعلام والوصل للجماهير لجميع المكونات السياسية أمر غير متوفر مطلقًا في ظل اعتراف أممي بطرف دون آخر، وتمثيل هذا الطرف في جميع الدول والمؤسسات الدولية الرسمية التي تسمح له بالوصول إلى الناخبين، وكذلك استعمال مقدرات البلاد لتحقيق ما يريد على حساب الأطراف الأخرى.
يجب أن يعي الشارع ظروف المرحلة غير العادلة، كما يجب أن تعمل المنظمات الدولية والمحلية على تثقيف الناس بالمسارات الجديدة وبالديمقراطية المفترضة قبل جرهم إليها بدون وعي في تطبيق شكلي بدون أي مضامين حقيقية.
ودون إعطاء وقت كافٍ للوعي بالمرحة الجديدة سيكون أي حلّ مجرد طي مؤقت للأزمة في انتظار انفجارات قادمة تسلب كل طموحات الناس بحياة حرة وكريمة.
المدير العام | أحمد وديع العبسي