تسنيم ياسين |
في ظل الأوضاع الراهنة والحروب التي تفتك في سورية، تصرخ أحلام الأطفال السوريين أن لا مستحيل لتحقيق التفوق والنجاح، فالطفلة السوريّة “سارة كيّالي” بعقلها اللامع وموهبتها النّادرة أثبتت للعالم أجمع أن أطفال سورية رغم ما يعانونه هم أهل للمجد والتفوق على أطفال العالم.
(سارة) ابنة مدينة حلب والبالغة من العمر ثماني سنوات تقطن حاليًا في بريف إدلب بقرية (حزانو)، لم تكن الظروف القاسية لتقف عائقًا أمامها، فهي طفلة ذكية بفكرها، حالمة بمستقبل كبير ترسم طريقه من الآن نحو القمّة، حيث شاركت في المسابقة العالمية للحساب الذهني التابعة لمنظمة ACIDA في (هونغ كونغ) بالصين، التي أُقيمت عن بُعد، في الخامس من ديسمبر الحالي، لتتفوّق على أكثر من ستة آلاف طالب وطالبة من العباقرة والنخبة حول العالم، وتخطف الأضواء وتسلط عليها وسائل الإعلام.
صحيفة (حبر) التقت والدة سارة السيدة (بدور عويرة) للحديث عن موهبة ابنتها وتفاصيل قصة نجاها.
تقول السيدة بدور: “سارة متميّزة منذ صغرها عن بقية زملائها بعبقريتها وقدرتها على الاستيعاب، حفظت جدول الضرب في سنّ الرابعة، ونباهتها جعلتها تحفظ العبارة من المرة الأولى، ونشوؤها في بيئة مثقفة محبّة للعلم وداعمة له جعلتها تتفوّق بجدارة، وقوة شخصيتها مردها إلى والدها.”
وعند سؤالنا السيدة (بدور) عن عدد أفراد عائلتها أوضحت بقولها: “لدى سارة ثلاث أخوة يمتلكون الكمّ ذاته من الذكاء والعناية، فلكلّ طفل منهم وقت مخصص لتعليمه والرعاية به.”
وعن وصول سارة نحو العالمية تقول أمها: “واجهنا بعض المصاعب أثناء محاولاتنا في الوصول إلى (مدرب) ليتبناها ويدعمها للوصول إلى ما تبتغيه، وحينما أُغلقت جميع الأبواب، قمت بسحب المواد الخاصة بالحساب الذهني عبر شبكة الإنترنت ودرستها سارة ثم علمتها لأختها (يارا) البالغة من العمر خمس سنوات”.
وتتابع السيدة (بدور): “خلال فترة الحجر المنزليّ في ظل جائحة COVID_19 الذي استمرّ لثمانيةِ أشهر، استطاعت خلال هذه الفترة تعليم سارة مهارات الحساب وكافّة قواعدها، ومن ثمّ عرضها على المدرّبة لتجري بعض الاختبارات وتجتازها بسهولة وتميّز خارق”.
وصرّحت والدة (سارة) أنها كانت المدرّسة الوحيدة لابنتها، ولم تتلقَ (سارة) الدعم سوى من عائلتها (الأب المكافح، والأم المناضلة)، ولم تواجه أي صعوبة في إيصال الفكرة لابنتيها، فقد حققت سارة واختها يارا نجاحات مسبقة، حيث شاركتا من قبل في مؤسسة “علمني” وتفوقتا على المشتركين بذكاءٍ خارق، وأيضًا في برنامج Braing_kids) ) الذي استمرّ لثلاث دقائق، وكان الفوز من نصيب الطفلتين البارعتين، وأخيرًا مشاركتهما في المسابقة العالمية، حيث نالت (سارة) الجائزة الكبرى.
(سارة) لم تتوقف عند هذا الحدّ، بل ستشارك في مسابقة أخرى ستقام في تايوان، وتطمح أن تتابع مسيرتها لتصبح عالمة كبيرة في المستقبل.
هذه الطفلة نموذج خرج من أطفال الشمال السوري المحرر، بإمكانيات محدودة وسط ظروف غير آمنة ملؤها الخوف، لكنها لم تستسلم رغم الصعاب الموجودة من قصف وتهجير وصولاً إلى ضعف شبكة الإنترنت، ونجاحها شيء عظيم ومفخرة لكل سورية.
وحسبنا القول: إن سارة نهضت من بين الركام بعقل أسطوري، وتأمل والدتها من المنظمات التعليمية توجيه رعاية خاصّة لكافّة أطفال المحرر، فهم البذرة الحسنة والنهر المعطاء الذي سينهض بهذه الأمة.