بقلم زهران زهران
في خطوةٍ بائسةٍ يائسةٍ، أكل الزمان عليها وشرب، يعمل القائمون على العمل في شركة (الإعلام) السوري على تحسين صورته بعمليةٍ أقل ما يقال عنها أنها ( تشقيع وترقيع) لإعادة بناء جسور الثقة بين الشركة والمتلقي وخاصةً الشعب السوري، الذي فقد الثقة بكل شيء حتى بإعلامه، وقد لجأت هنا لوصفها بالشركة، وأقصد الوزارة لأنها فعلاً شركة وليست وزارة تحقق سياسة دولة، إنما هي في الواقع تحقق سياسة صاحبها في أمرٍ أبعد ما يكون عن الديمقراطية، ففي الوقت الذي نرى فيه الإعلام مرآة ً لواقع البلد الذي ينتمي إليه، نجد الإعلام في سورية مرآةً للحكومة المتلاعبة بالشعب ومقدّراته، الشعب الذي أصبح لعبة الصغير قبل الكبير في هذا البلد، وخاصةً في ظل ما يجري من أحداث الحرب الدائرة رحاها، ففي الوقت الذي يحتاج المواطن فيه إلى الصدق وهذا أبسط ما يستحقه في ظل الظروف الراهنة نجد الشركة والقائمين عليها يقومون باستعراض قدرات الدولة ومؤسساتها وكأنه لا يوجد فيها حربٌ دائرةٌ منذ خمس سنوات أتعبت البشر والحجر، وبلغةٍ خشبيةٍ خشنة لا تقدر ولا تحترم المتلقي في أبسط حقوقه.
اللغة الخشبية التي تتحدث فيها الحكومة هي نفسها اللغة التي تتبناها ويتحدث بها القائمون على العمل في شركة الإعلام، في حين الإعلام هو مرآة البلد بكل أطيافه، نرى الإعلام في سورية شركةً تصدر وجهة نظر الحكومة والقائمين عليها في البلد.
ولعل من الأفكار المغلوطة التي يتبناها الإعلام المرئي والمسموع والمقروء في سورية وعلى سبيل المثال لا الحصر، فكرة المؤامرة الكونية.
حيث يلمس المتابع كم أن هذا الإعلام متبنٍ لفكرة أن ما يجري في سورية هو مجرد أحداث عابرة لا يعترف بعمقها وصعوبتها …
وعندما شعر القائمون على العمل بتلك الشركة بمدى سعة الهوة الحاصلة بين سياستها والمتلقي (المواطن السوري) أقدموا على خطوةٍ مثيرةٍ للاستهزاء والسخرية بصناعة مساحةٍ من الحرية محددة المعالم والآفاق، بحيث يظهر الإعلام على أنه مرآةً تعكس السالب قبل الموجب في المجتمع.
مساحةً يرسم فيها للمتحدث أو للمتحرك فيها حدودٌ من الأجهزة الأمنية بحيث يكون هناك كلامٌ مسموحٌ به وكلام آخر غير مسموح.
ومن وجهة نظر القائمين على العمل في تلك الشركة، فإنَّ تلك المساحة المصطنعة من الحرية تساعد الإعلام على الظهور بمظهر الشفاف الذي يتقبل الرأي والرأي الآخر ويبني معه حواراً قائماً على المصالح المشتركة بين الحكومة والمواطن، متناسين أنَّ التقدم والتكنولوجيا التي جعلت من العالم برمته قريةً صغيرةً بمتناول الجميع، هذا التقدم والتطور الذي مكّن المواطن السوري من معرفة وكشف المساحة المزعومة وغرف العمليات الأمنية التي رسمت حدود ومعالم تلك المساحة.
مما أدى إلى نتائج كارثية وسَّعت الهوة الفاصلة بين الشركة والمواطن وكرّست فكرة أن هذا الإعلام موجهٌ لشريحةٍ صغيرةٍ لا تشكل سوى جزءٍ صغيرٍ من الفسيفساء السورية.
نحن هنا لا نقلل من قيمة وفعالية كل الشرائح التي يتلون بها المجتمع السوري، فكل شريحةٍ لها دورها الفاعل والمتنامي في صناعة المجتمع كل حسب موقعه.
نحن نقصد هنا شريحة البسطاء المهمشين الذين وُضعت على أعينهم غشاوةً لا تمكنه من تلمس سطوع الحقيقة …. الحقيقة التي مفادها أن شركة الإعلام السوري غير صادقةٍ في تناولها في كل ما يجري من أحداث على الأرض السورية.