أحمد وديع العبسي |
حرية التعبير، واحترام الرأي الآخر، مصطلحات أساسية اليوم للتعبير عن مفهوم الحريات والدول والكيانات الحرة، بما في ذلك حرية الإعلام وغيرها …
ولكن هل هذا صواب دائمًا؟ هل الرأي الآخر دائمًا يستحق الاحترام ويجب ألَّا نسفه صاحبه؟!
ماذا لو كان صاحبه سفيهاً حقاً، لماذا لا يحق لي عدم احترام رأيه من باب حريتي الخاصة أيضًا، لماذا لا يُعدُّ تسفيه رأي الآخرين نوع من حرية التعبير، ومن الذي يحدد إذا كان ما أقوله تسفيهًا أم انتقادًا، ولماذا لا أعدُّ رأي الآخر من الأساس هو تسفيه لأفكاري أو رأيي وسخرية منها، وهل السخرية الدارجة اليوم على أنها حق، وصار لها برامج توسم بأنها برامج ساخرة هي حرية رأي، أم أنها اعتداء على الآخرين، هل يحق لي السخرية ممَّن أشاء، ومن الذي يصنف السخرية أنها اعتداء على الأشخاص والنيل من أفكارهم، ثمّ في مواقف أخرى يصنفها أنها نوع من ممارسة حرية الرأي والانتقاد؟؟؟!!!!!!!!!!!
كيف نضمن أن هذه الآراء والحق في السخرية والانتقاد والسفاهة والتفاهة لن تتسبب بتوليد خطاب كراهية كبير؟! أليست هذه الأساليب أصلاً جزءًا من خطاب الكراهية ضد أفكار الناس وآرائهم؟!
أسئلة كثيرة جدًا أعتقد أن الإجابة عنها شبه مستحيلة، فلو أجبتَ بقَبول كلّ ذلك فأنت تُدخِل العالم في فوضى عارمة (تشبه ما نعيشه حاليًا) لا يحترم فيها أي شخص الشخص الآخر، فضلًا عن رأيه وأفكاره، ولو أجبتَ بعدم قَبولها، فأنتَ تفتح بابًا كبيرًا للإدلاء بآراء سخيفة ومتسلطة دون الرد عليها، ولو قلتَ: إن الأمر يتبع معايير، قل لي من يحق له أن يضعها، ومن وكيف سيفرض على الآخرين الالتزام بها، أو من سيضمن عدم تعدد الفهم لهذه المعايير كما يحدث الآن؟!
من الآخر كما يقال، لا يوجد الكثير ممَّا يمكن أن يُقال في هذا الموضوع؛ لأنه يجب أن يرتبط بمعايير أخلاقية ذاتية، واليوم ما يحددها هو القوة، قوة وسائل الإعلام وقوة أصحاب الرأي الذين يرون في أنفسهم معيارًا للصواب في محيطهم، وأي انتقاد لهم هو اعتداء وسخرية يجب أن يُحاسبوا عليها الآخرين ما داموا أقوياء، وتصبح رأيًا آخر وحرية تعبير عندما تذهب القوة ويعودون ضعفاء كغيرهم.
إن من أعظم أنواع الكذب التي انتشرت في عصرنا، هو ما يحكي عن هذه التفاهة التي تُسمَّى حرية الرأي والتعبير والرأي الآخر وحرية الإعلام.. وما إلى ذلك من المصلحات التي صدعت رؤوسنا بمنتجاتها.
ونحن هنا نتكلم من منبر إعلامي … بحرية 😊
المدير العام | أحمد وديع العبسي