عكيد جولي – الحسكة
لكل داءٍ دواء، لكن المصيبة هنا إذا توفر الأول ولم يتوفر الثاني إلا بصعوبة، فالحرب في سوريا تركت آثارها وبصمتها بقوة على الواقع الصحي في مختلف المناطق بما فيها محافظة الحسكة، فالمستشفيات الحكومية تعاني من نقص في الكوادر اللازمة، وهي شبه مهملة من قبل الحكومة، والمستشفيات الخاصة لا يجرؤ المريض على دخولها بسبب الأسعار المرتفعة رغم أن ثمن عدم دخولها قد يكلف ذاك المريض حياته، وفوق كل هذا وذاك فالبلد يفتقد للأطباء الذين أصبح معظمهم في خارج سوريا، وما تبقى منهم يعمل في عيادته الخاصة التي تشتكي معظم المواطنين من تكاليف المعاينات فيها، لكن ما يُبقي للناس أملاً في هذا المجال، هو بعض المراكز الصحية التي افتتحتها الإدارة الذاتية الديمقراطية في مختلف المدن في محافظة الحسكة، كمركز “أوركيش” في مدينة عامودا، حيث تشرف هذه المراكز على حملات التلقيح المستمرة للأطفال، كما تقدم الطبابة والأدوية المتوفرة (مجاناً) لكنها تفتقر للأطباء المختصين في بعض الاختصاصات، وتعاني أيضاً من نقص كبير لبعض الأدوية، وعن هذا المركز يحدثنا الدكتور محمد خير محمد الإداري في مركز أوركيش الصحي: “هناك ثلاثة أقسام في المركز، قسم الأطفال، قسم الداخلية، وقسم النسائية، بالإضافة إلى صيدلية و مخبر للتحاليل، ويتم تداوي ما بين 120 حتى 150 مريضاً يومياً، وبالنسبة إلى الأدوية بشكل عام هي متوفرة باستثناء أدوية بعض الأمراض المزمنة، طبعاً نحن نقوم بمعالجة المرضى دون مقابل مادي (مجانا) ” بالإضافة إلى تلك الخدمات التي يقدمها مركز أوركيش الصحي، هناك سيارة “عيادة متنقلة” تنتقل بشكل يومي بين القرى التابعة للمدينة ويتم علاج المرضى في الريف حال وجودها.
وليس بعيداً عن الأطباء والمستشفيات، فالصيدليات أيضاً باتت تعاني من نقصٍ في الأدوية التي تتوفر عن طريق الشحن الجوي، ما يكلف أسعاراً مضاعفة على المواطنين الذين يتذمرون من الأسعار بشكلٍ كبير.
الواقع الصحي في الحسكة مقبول نوعاً ما، بحسب ما يقول أحمد شريف لـ صحيفة حبر، وهو مواطن من مدينة القامشلي: “إذا ما قارنا الوضع بظروف الحرب التي نعيشها فالواقع مقبول هنا في المناطق التي تديرها الإدارة الذاتية الديمقراطية، لكن المآخذ الكبيرة في نقص الكوادر الطبية، فالعمليات الجراحية الكبيرة لا تتوفر هنا، ويضطر المريض للسفر بالطائرة إلى دمشق لإجرائها، وهنا تكون المشكلة صحية وأمنية واقتصادية، كما أنَّ التكاليف الباهظة لتأمين تذكرة الطيران تكون عبئاً ثقيلاً على أسرة المريض لكن عموماً الأمور مقبولة”.
هذا هو المشهد الصحي في محافظة الحسكة، خوف على هذا المجال من التدهور أحياناً ومحاولات من قبل المعنيين في الإدارة الذاتية لتدعم هذا المجال أحياناً أخرى، وبين هذا وذاك يبقى المواطن مترقباً بقلق إلى ما ستؤول إليه الأمور في المستقبل.