دعاء علي
بدأت تتكون حول الأنشطة الناشئة في مدينة حلب المحررة (تربوية، إغاثية … إلخ) طبقة طفيلية همها الأول الدعم المالي، لا تنظر إلى ما يكمن وراء هذا الدعم.
وقد علم للجميع أنَّ سوريا أصبحت ساحة للاستثمارات بمختلف صنوفها (عسكرية، إيديولوجية، عقارية … إلخ) ولاستثمارات لم تسمع بها البشرية إلا مع بدء ثورة سوريا.
فحل ” الأكشن المدمَّى” بديلا عن الدراما السورية الرثة التي حولت المجتمع السوري إلى طَور المشاهدة والتسلية، فالأكشن المدمَّى باتت مشاهدته تروق للبعض لمآرب مختلفة، فمنهم من راح يهدد شعبه لكل من يخالف حاكمه، لأننا أصبحنا عبرة لمن يعتبر، ومنهم من بدأ يقنع المتفرج من تلك الشعوب بما لديه؛ ليحافظ على ما لديه، والبعض الآخر جعل سوريا سبيلا للتخلص من أصحاب الفكر “التكفيري” لتبقى سوريا محرقة مستمرة لمن يراد التخلص منه على المستوى الدولي.
والسوريون آخر ما يهم المجتمع الدولي، وقد تكون منظمة حقوق الإنسان أسقطت السوري من قاموسها كونه تحول إلى “أكشن” وحقل تجارب، وجرِّد من إنسانيته.
وظني أنَّ حلَّ تلك المعضلة يكون أولا بالبحث عن أسباب توحد جهودنا، وأن يكون ذلك ديدن أي منظمة أو هيئة.
ثانيا الاجتهاد في الشأن السياسي واختراقه على المستويات كافة، وعدم الاكتفاء بإحصاء عدد الضحايا والجرحى فقط.
في بداية الثورة كان الهدف واحدا، وهو التخلص من الظلم، وعيش الجميع بكرامة وإنسانية، لكن للأسف ما إن تسلل بعض الأشخاص ممَّن لا يعي من الأمور شيئا وأنشأ كتيبة أو مؤسسة او … أصبحوا سببا في قلب الأمور رأسا على عقب، فسرعان ما ضخت أموالا إلى الداخل تحت مسميات مختلفة مساعدات، مشاريع، معونات… حيث كانت الطامة الكبرى، خاصة في تنفيذ هذه المشاريع ومنح الوسيط نسبة 40 بالمئة من الدعم، ما يجعل الوسيط المستفيد الأكبر من إبقاء الوضع على ما هو عليه، فتحول المؤتمن إلى مُضارب أو من كبار المستثمرين في الدم السوري، ومن كبار المستغلين في ابتزاز صاحب الحاجة لفرصة العمل أيضا.
ونذكر هنا بعض هذه المشاريع:
مشروع الدعم النفسي في جمعية مسرات، الذي جعل ذوي المؤهل العلمي يتركون التعليم إلى التنشيط، أو يعملون في المجالين معا، الأمر الذي خلق بلبلة في التعليم، لأنَّ راتب المنشط هو ضعف راتب المعلم، إن لم يكن أكثر! تُرى ماهي ضوابط هذا الاختيار؟!
أن يكون للبعض أكثر من عمل ممكن، لكن أن يشغل أعمالا عدة كالخبير الوحيد فتلك طامة كبرى.
والجدير بالذكر أنَّ مديرية التربية كانت أقرت بعدم جواز الجمع بين عملين إداري وتعليمي في مجال التعليم.
كما أن منظمة سيريا ريليف رواتبها أكثر من ضعف الرواتب، وعندما سألت عن السبب كان الرد بأنَّها منظمتان معا، فلهذا رواتبها كبيرة، فقلت لماذا لا تفك هذه الشراكة لنشمل عددا أكبر من المعلمين؟ فلم أجد ردا!
ونلاحظ أنَّ أجر المعلم هو من أدنى الأجور، أمَّا العاملين في مجال المعونات فلكل منظمة طاقمها الخاص ورؤيتها في توزيع المعونات، فهناك من يأخذ معونة دون الحاجة إليها، ومن هو بحاجة لا تصل إليه.
والقضاء الذي يجب التعويل عليه لم يتحدْ بعد، ولا يمكنه إنجاز عدل حقيقي، فلكل منطقة قضاء خاص بها.
والكتائب التي يكون قرارها من الداعم الخارجي ليست برأيي سوى بيادق شطرنج يحركها الداعم وفق رغائبه.
حبذا لو نتعلم من إفشال الإنقلاب في تركيا درسا بوحدة الهدف رغم الاختلاف، بل والتناحر بين السياسيين، وإنَّ لا شيء يهم أكثر من بلدك المكلوم، فلم يشهد التاريخ مأساة شعب كمأساتنا، أمَا كفانا الدماء التي أريقت؟!
وأناشد كل مواطنٍ بحق كل الأيتام والثكالى والمشردين أن نرصَّ صفوفنا لننتصر ونعيد البلد إلى أهلها، والبسمة إلى أطفالنا، فما حكَّ جسمك مثل ظفرك.