بعد اثني عشر يوماً من انطلاق المعارك في حلب، حسمت المعارضة السورية المراحل الأولية من معركة حلب الكبرى كما سمتها، وتهدف المعركة إلى فك الحصار عن أحياء حلب الشرقية الواقعة تحت سيطرتها وتحرير مدينة حلب بالكامل، وتمكّنت بذلك من كسر الحصار الذي أطبقته قوات النظام وحلفاؤها على نحو 400 ألف مدني منذ شهر, وقلبت الطاولة على النظام وقطعت طرق الإمداد على أحياء حلب الغربية الواقعة تحت سيطرته, وقد مثّلت المعركة التي تعمّدت قوات المعارضة إعلانها قبل البدء بها نوعاً من التحدّي المفتوح لجيش النظام وميليشياته الطائفية والأجنبية، وكذلك لطيرانه والطيران الروسي الذَيْن لعبا دوراً حاسماً في تأجيل نصر المعارضة طوال أيام المعركة.
وتتمثل الأهمية الاستراتيجية بضرب خطوط الدفاع الأولى للنظام في جنوب حلب من خلال السيطرة على أهم نقاطه العسكرية في المدينة والتي تعتبر حصناً منيعاً لم يتوقّع سقوطه، والتمكّن من قطع طرق إمداده، وإظهار هشاشة قواته إلى جانب حلفائه أيضاً على الرغم من كل ما يمتلكون من إمكانياتٍ، كما ولعبت دوراً هاماً في تثبيط معنويات جيش النظام.
عسكرياً فإن التنسيق الكبير بين قوات المعارضة في جيش الفتح وغرفة عمليات فتح حلب الذَيْن يضمّان أبرز فصائل المعارضة يعتبر من أهم ما جاءت به المعركة ليؤكّد على علو كعب قوات المعارضة وفعالية وحدتها وتصدرها للمشهد من جديد خاصة بعد الفترة الأخيرة التي شهدت تقدماً كبيراً لقوات النظام في ريف حلب الشمالي منذ مطلع العام الحالي.
دولياً فقد وضعت المعركة النظام وحليفته روسيا التي تورطت في غمار الصراع السوري في مأزق كبير أمام العالم خاصة بعد هزيمتهم أولى مراحل المعركة، وتمكّن الثوار من تحقيق الأهداف الأولية للمعركة وفك الحصار عن المدينة على الرغم من قلة الإمكانيات، كما تفاعلت كثير من الدول الإسلامية مع فك الحصار عن إخوانهم في حلب.
وتعتبر معركة حلب بيضة القبان التي ستقلب الموازين في الصراع السوري وقد أوضحت صحيفة أوبزرفر أن طرفي الصراع حشدا كل ما يملكان من قوة لهذه المعركة؛ لأن الطرفين يعتبران معركة حلب هي التي ستغيّر موازين القوة في الصراع الدائر.
وأشارت صحيفة صنداي تايمز إلى أنّ كل العيون تترقب ردة فعل النظام وحلفائه روسيا وإيران والمليشيات الشيعية الأخرى، وتوقعت بأن النظام سيستخدم الكيماوي أو أي سلاح آخر دون أي وازع لإعادة الأمور لصالحه وهو يعلم بأن المجتمع الدولي سيقف مكتوف الأيدي.
ولا تزال معركة حلب هي الشغل الشاغل والعنوان الأبرز في النشرات الإخبارية والخطاب الأول للسياسيين والمحلّلين الذين يرى بعضهم أن المعركة قد اقتربت من الحسم لصالح المعارضة، فيما يرى الباقي بأن ردة الفعل الروسية ستكون قوية وحاسمة لاستعادة سيطرتها على زمام الأمور.