بقلم _ رنا الحلبي
“مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثلُ الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”. انطلاقاً من هذا الحديث الشريف ومع الفتوحات التي شهدتها حلب وفرحة فك طوق الحصار عن المدينة، وتضحيات المجاهدين التي بذلوا وقدّموا فيها الغالي والنفيس لأجل ذلك، وإدخال المساعدات الإنسانية والمواد الأولية الأساسية والطبية التي قُطعت لمدة شهر كامل، لا بدّ لنا من أن نتذكر إخوتنا في حي الوعر في مدينة حمص.
فقد جاءت الأمم المتحدة لتعرض فيلماً درامياً جديداً، وتقوم بالتمثيل والخداع لتظهر نفسها في قمة الإنسانية؛ حيث أدخلت في تاريخ 12/8/2016 ما سمّي بالمساعدات لحيّ الوعر المحاصر منذ ما يقارب أربع سنوات، حيث عاش المدنيون والأطباء فرحة لا مثيل لها بعد حرمانهم من أبسط المواد الأولية بسبب ذلك الحصار الجائر والخانق، لكن فرحتهم تحوّلت لصدمة قوية؛ فلم تكن تلك المساعدات سوى أكفانٍ ومناشف للموتى وكأنها تنبؤهم بموتهم المُحتّم، وعدم حاجتهم للمواد الغذائية والطبية، وكأنهم سيلقون حتفهم ومصرعهم قريباً، أو كأن تلك الشحنة المقدمة لهم تخبرهم أن هناك معركة صارمة ستقضي على سكان هذا الحي وتمنعهم من حق الحياة.
أي إنسانية تلك ؟ وما الذي دفع أولئك لإرسال تلك الأكفان وفي مثل هذا التوقيت بعد الحصار المدمّر؟ أهذا ما يحتاجه سكان الوعر؟ أهذه الإنسانية التي يتحلى بها رؤساء ومسؤولو الأمم المتحدة؟
هذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على تواطؤ من هيئة أممية عالمية مع النظام المجرم، ويدل على دعمها الإغاثي والعسكري اللامحدود لجيشه وتغطيتها المستمرة لجرائمه، بينما تقوم بتقطير المساعدات للمحاصرين في سوريا إيذاناً منها له باستمرار هذه السياسية المتوافق عليها عالمياً إما تصريحاً أو تلميحاً.
وهذا يوحي بخلفيات خطيرة ستقع على الشعب السوري من خلال المضي قدماً في قمعه وحرمانه من أبسط مقومات الحياة جرّاء تقديمه هذا النوع من المساعدات.
لكن إصرار الثوار والشعب القوي الذي صبر قرابة ست سنوات، وذاق خلالها كل أنواع القتل والتشريد، كفيل بأنه سيستمر رغم تضييق الخناق عليه من حصار وقصف وأسلحة كيماوية لبلوغ هدفه.
وهناك مُبشرات لتوحد المجاهدين ورصّ الصفوف، والاندماج تحت راية موحدة، غايتها إسقاط النظام بكافة أشكاله ورفع كلمة الإسلام. فما حدث في حلب من فتوحات وانتصارات تثلج الصدور، ما هو إلا نتيجة اجتماع الكلمة، وعدم التفرقة بين معظم الكتائب والفصائل العسكرية، والمبادرة للتعاون مع جيش الفتح لدخول حلب وفك حصارها والتوسع بتحرير مناطق مغتصبة.
فلماذا لا تتّبع مثل هذه الخطوات في حي الوعر كمثيلتها في حلب، ولماذا لا يتبع الجيش الحر في المدن السورية كافة تجربة جيش الفتح في إدلب وها هي الآن في مدينة حلب وذلك من خلال:
1- الانضمام لكيان عسكري موحد يجمع كل الكتائب في كل بقعة جغرافية يستفرد بها النظام السوري.
2- التكتم على تنفيذ الخطط العسكرية.
3- اتخاذ إجراءات صارمة بحقّ كل متقاعس من قادات في الفصائل.
4- توحيد الأهداف العسكرية، وتكثيف الجهود لكسر طوق الحصار عن كافة المدن المحاصرة، بدلاً من انتظار الأمم المتحدة لتقديم المعونات، وتمهيداً لتجميع القوى وضرب النظام في عقر داره.
فيجب علينا توحيد الصف، والتوجه نحو هدف محدد لنصل إلى النصر الحقيقي، ودحر ذلك المجرم وقواته وتحرير سوريا بأكملها، ويجب ألا ندع تفرقنا ورقة رابحة بيد العدو، ليغتالنا بها من جديد بمكر سياسي وعسكري معولم.