بقلم: زيوان البلدسنناقش هنا كيف يمكن اعتماد “العامل الاقتصادي” لجعله مدخلاً لكبح جماح التدهور المستمر. وسنبدأ باستقراء النتائج والمآلات القائمة كيلا نصل إلى ما وصل إليه البعض من مشاحنات كلامية يتبادلها طرفا الصراع لا ترتقي إلى قوة الفعل.فما الذي يستطيع فعله الطرف القائم في المناطق المحررة؟لنفترض أن النظام السياسي انتهى بلحظة فاصلة. فما هي آفاق استمرار “الرعاية الاجتماعية” الموكولة له في إطار الارتباط العضوي للإدارة في الدولة السورية وتشابكها بالنظام السياسي؟ إضافة إلى مواجهة المشكلات الناجمة عن الخراب الحاصل في شتى مجالات الحياة السورية خلال السنوات الأربع الأخيرة.على الأطراف المعارضة العمل بالاتجاه الاقتصادي لتعذر التقدم في الاتجاه السياسي وسعيها بكافة الوسائل من أجل تحريك “المياه الراكدة” اقتصادياً في مناطق وجودها، عبر إطلاق “عملية نمو اقتصادي” جديدة شريطة أن تكون على مقاس “المناطق المحررة”.ولكن ألا تعتقد أنّ هذا صعب؟ بسبب النقص الحاد في عناصر العملية الاقتصادية؟ فالنشاط الاقتصادي حالياً يقتصر على تداول سلعي في أعلاه، بل إن التردي الاقتصادي بدأ يستعيد أسلوب المقايضة نتيجة للفقر في الأنماط الاقتصادية. وهذا ما رفع نسبة البطالة إلى أعلى مستوياها بين فئة الشباب خاصة، واتساع اقتصاد الظل الناشئ عن الأعمال غير الشرعية (قبض الفديات، بيع المسروقات، بيع المعونات، سوق الأوراق النقدية.. إلخ)، وتوقف عملية الإنتاج واقتصارها على صناعة بعض الغذاء اليومي كصناعة الخبز والمعجنات.نستخلص أن عماد تحرك الاقتصاد في مناطق “النظام” قد تم بفضل وفرة اليد العاملة ذات التأهيل المتنوع والمختلف الذي يشمل قطاعات أوسع من العمالة البسيطة ليصل إلى العمالة الفنية والحرفية والخدمات المجتمعية من صحة وتعليم وخدمات عامة على الرغم من محدودية النشاطات الإنتاجية في الطرفين.لذلك علينا العمل على توظيف العمالة المتاحة في “المناطق المحررة” عبر إطلاق “عملية نمو اقتصادي” تضع في حسبانها توفير مشروعات مناسبة تتناسب مع ضعف العمالة المتوفرة وقلة الموارد. ولفعل ذلك يجب اتباع منهجية اقتصادية غير تقليدية وبعيدة عن أسلوب الهيئات الرسمية. فقد كانت الإدارة الاقتصادية في “النظام” تنظر إلى فئة الشباب المتعلم كعبء على الموازنة الحكومية لارتفاع معدل أجورها، بينما لا تلقي بالاً إلى الفئة الشابة غير المؤهلة علمياً أو فنياً لأنها لا تعتبر تشغيلها من الأولويات الحكومية.علينا إذاً العمل على استثمار هذه الطاقة المهدورة في منذ عقود وتوظيفها في عملية النمو المجتمعي. ويتم ذلك من خلال العمل بمبدأ استثمار “رأس المال البشري” عبر “عملية النمو” التي ستطلق بعد ضبط العوامل التالية:1- تحديد احتياجات المجتمع الذي ستتم فيه “عملية النمو” بأولويات.2- احتساب حجم القوى العاملة المتوفرة الملبية للاحتياجات.3- جدولة مشروعات اقتصادية تعمل على توفير الاحتياجات بهدف أولي تخفيض نسبة البطالة.4- التعامل مع “المناطق المحررة” كوحدة اقتصادية للوصول إلى خلق دورة كاملة في اقتصادها.فالحاصل حالياً هو عملية تداول سلعي بسيطة مرهونة بقوى اقتصادية مبعثرة ومتنافرة على أساس سياسي بين المناطق “المحررة” و”الخاضعة”، إضافة إلى الاصطفافات الجهوية في “المحررة”.ولنجاح المشروعات المقترحة وفق هذا المنهج الجديد يجب العمل على ما يلي:1- اعتماد مبدأ استثمار “رأس المال البشري” كهدف رئيس لتفعيل الطاقة المجتمعية الشابة.2- التأسيس لمشروع رئيس يحتمل توليد مشروعات جديدة من خلاله لتشغيل أكبر عدد ممكن.3-التركيز على مشروعات تحسن ظروف البيئة المحلية تمهيداً لبسط حالة استقرار اقتصادي اجتماعي.4-إشراك الجهات الأهلية صاحبة الخبرات الذاتية التي تثري العمل في المشروعات المزمع تنفيذها تأميناً لحمايتها الاجتماعية وتخفيضاً لشعور المنافسة.وسنقترح مثالاً عملياً لما نعتقد بإمكانية العمل عليه وتحويله لمشروعات مفيدة وفق ما تم شرحه.
المشروع | موقع العمل | متطلبات العمل | مدة الإنجاز | ما تم إنجازه |
إخلاء بناء مهدم | حي ؟ | ؟ عامل | ؟ يوم | تشغيل ؟عامل لمدة ؟ يوم |
يتولد عنه:
المشروع | موقع العمل | متطلبات العمل | مدة الإنجاز | ما تم إنجازه |
ترحيل الركام للبناء المهدم | بين حي ؟ ومنطقة؟ | ؟سيارة نقل-؟عتال | ؟ ساعة | تشغيل؟سائق-؟عتال |
فرز المستخرجات من الركام | مستودع في منطقة؟ | ؟ عامل | تحدد وفق الكمية | تشغيل ؟عامل وفق الكمية |
يتولد عنه:
المشروع | موقع العمل | متطلبات العمل | مدة الإنجاز | ما تم إنجازه |
تدوير المستخرجات | المصنع | ؟ عامل | يومي | ؟عامل دائم |
ويمكن أن يتولد عن تلك المشروعات، مشروعات ذات طبيعة مختلفة عما سبق استعراضه لكنها مهيئة وممهِّدة له، وهي مشروعات إعادة إعمار ما تهدم من مبان كلياً أو جزئياً. وأرى أن مثل تلك المشروعات ذات الأولوية للتنفيذ لاستعادة البيئة المستقرة بالقدر الممكن، رغم القصف الذي يتم على مدار الساعة على كثير من المناطق والأحياء. فالحياة مستمرة بالخوف وبدونه.. بالحزن وبدونه.. بالخطأ وبدونه.. بالفشل وبدونه. لقد عرفنا تلك الأمور ولم يبق إلا أن نعرف ماذا نفعل حين نفقدها.