التسرب المدرسي مشكلة اجتماعية خطيرة تهدد دول العالم ودول العالم العربي بصفة خاصة لأنها تقسم المجتمع إلى قسمين متعلم وأمي، وتؤخر من تطور المجتمع، والتسرب المدرسي له أسباب كثيرة منها تعود إلى الطالب نفسه مثل صعوبات التعلم وعدم حب المدرسة، ومنها تعود إلى الأسرة كالفقر واضطرار الطالب إلى العمل أو الاعتناء بأفراد الأسرة الأصغر سناً أو عدم اهتمام الأسرة بالتعليم، وهناك أسباب تعود للمدرسة نفسها كاستخدام العقاب البدني وعدم شعور الطالب بالانتماء إلى هذه المدرسة والتمييز بين الطلبة أيضاً يؤدي إلى التسرب.
في سوريا وبعد قيام الثورة عمل النظام السوري على ترك المدارس دون معلمين وعمل على قصف الكثير من المدارس حيث أعلنت اليونيسف بان هناك 2 مليون طفل سوري خارج مقاعد الدراسة، وهو ما يؤكد حجم المشكلة في سوريا.
في دراسة أجريت على عينة من الناس في مدينة حلب المحررة (بلغ عدد العينة 96 شخصاً) اعتبر 85 % منهم أن التسرب مشكلة اجتماعية معقدة وهي تنبئ سورية بمشكلة عظيمة في المستقبل البعيد واعتبر هؤلاء أن أكبر سبب للتسرب هو السبب السياسي وعدم وجود مناهج موحدة والخوف من نظام الأسد، واعتبر 40 % من العدد الكلي أن السبب هو الظروف الأمنية الصعبة فقد دمّر النظام عدة مدارس في المدينة ودفن طلابها تحت الأنقاض مثل مدرستي عين جالوت وسعد الأنصاري.
وتعد عمالة الأطفال أيضاً من المشكلات الناتجة عن الحرب وهي تؤدي إلى التسرب المدرسي فالأسرة بسبب فقرها الشديد تفضل إرسال أولادها إلى العمل أو تزويج بناتها في سن مبكر كي تتخلص من عبء جلب قوتهم، وهكذا يكون المجتمع الخاسر الأكبر، حيث لا يكمل هؤلاء الأطفال تعليمهم غالباً، بعد ذلك اعتبر 61 % من العينة بأن العمالة من المشكلات الاجتماعية الأبرز التي تتسبب بالتسرب المدرسي
وللتسرب المدرسي آثار سيئة على المجتمع بشكل عام فهي تسبب آثاراً اقتصادية تتلخص بعدم قدرة هذا المتسرب على مواكبة سوق العمل بسبب عدم مواكبته للتطور الصناعي والتكنولوجي وعدم امتلاكه للمهارات الكافية في إدارة الوقت والرفع من إنتاجيته
وهناك الآثار الثقافية والسياسية، فالأمي في النهاية غير قادر على التمييز، وهو فريسة سهلة لمن يحاول استغلاله .. وقد أعرب 82 % من العينة المدروسة إن التسرب المدرسي يؤدي إلى انتشار الانحراف الأخلاقي والجريمة
وفي النهاية لابد لجميع المعنيين في المناطق المحررة من مديرية التربية والمجالس المحلية ومنظمات المجتمع المدني من جمع الجهود وتضافرها للحد من هذه الظاهرة عبر القضاء على أسبابها ومعالجة آثارها فمن الضروري دعم العملية التعليمية بكل مناحيها بصورة جيدة وتوفير عوامل الحماية الشاملة للطفل والقيام بمشاريع تشغيلية للحد من فقر أولياء الأمور والعمل على حملات التوعية باستمرار كي ننعم بمجتمع يتمثل القيم الإنسانية ويعمل على نشر حضارته بالصورة المثلى.