بقلم جمال الصطوف
هذه المقالة خيالية، ولا تمت للواقع بصلة، والشخصيات والأماكن المذكورة فيها من نسج الخيال، وأي تشابه بينها وبين الواقع سيكون تشابه من باب الصدفة فقط لا أكثر.
كان يا مكان في قديم الزمان والمكان، في كوكب اسمه “كوكب المريخ” كان محتلاً من كوكب الزهرة، لكن بفضل توحّد سكان المريخ استطاعوا تحرير نصف الكوكب بفترة زمنية قصيرة، وهكذا انقسم الكوكب إلى قسم شرقي “محر” وقسم غربي “محتل من الزهراويين”.
الزهراويون لم يعجبهم حال القسم الشرقي، وأعلنوا عن حملة حصار الشرقيين، واستخدموا فيها أسلحة الدمار الشامل، كما استعانوا بقوات من كوكبي “عطارد وبلوتو”.
إذاً توحّد ثلاثة كواكب على قسم من كوكب المريخ، حيث استطاعوا أن يحاصروا القسم الشرقي المحرر منه بشكل جزئي، واتبعوا سياسية القضم البطيء أو التقدم البطيء.
بسبب الحصار الجزئي هذا، والقصف الجنوني من “الزهراويين” ازداد الوضع الأمني والاقتصادي سوءاً في القسم الشرقي، وبدأ الناس بمطالبة قادة المريخ الأحرار بالتوحّد لكن كان هناك معوقات صغيرة جداً تمنع التوحد.
- أول شيء يمنع التوحد هو أن القسم الشرقي صار 80 دولة، إذ إنّ كلّ حي منه أصبح دولة مستقلة، ولها رئيسها الخاص، ومن الدول المؤسسة حديثاً هي دولة بستان القصر، ودولة المعادي، ودولة الفردوس، ودولة صلاح الدين، ودولة الشعار…
- العائق الآخر للتوحّد، أنه أصبح لكل دولة وزارة داخلية خاصة، وهي المخفر الموجود فيها، ووزير الكهرباء؛ وهو أكبر موزع للأمبيرات فيها، وعشرات الوزراء للنفط والتجارة الداخلية، يتمثلون بأصحاب البسطات المنتشرة على جوانب الطريق وزوايا الحارات، وكذلك عشرات الوزراء للنقل، فمن شروط أن تكون أحد وزراء النقل أن يكون لديك حافلة “سرفيس-تكسي” حتى تستطيع أن تحدد أجرة نقل الركاب تغيرها متى شئت.
- أحد العوائق أيضاً، هو وجود وزير دفاع في كل فصيل عسكري، وهو قائد الفصيل في الوقت نفسه ويسمى “القائد الأعلى للشباب والقوات المسلحة” ومن أشهر الكتائب “شهداء المريخ”.
وبالطبع ليست كل الفصائل متماثلة أو متشابهة، حيث يختلف كل فصيل عن الآخر بحسب الأيديولوجية التي يريد أن ينشرها هذا الفصيل أو ذاك، فبعض هذه الفصائل تنادي بجعل هذه الحرب هي حرب دينية مقدسة، بينما فصائل أخرى تراها حرباً تُحرِّر من خلالها الأرض، وتبني دولة علمانية مدنية لا يكون للدين فيها أي سلطة سياسية، ولذلك نرى اشتباكات بين هذه الفصائل من فترة لأخرى، على الرغم من وجود العدو الحقيقي وهو “الزهراويون” في محيط القسم المحرر.
- حتى إذا افترضت أن التربويين المريخيين هم من سينقذون الوضع، ويعطون أمثلة بالوحدة والاتحاد، سيكون هذا افتراضا وهمياً، وأبسط مثال على ذلك، أن مدير أيّ مدرسة سيجيب على السؤال الآتي: كم طالب يوجد بالمدرسة؟ سيقول لك: “يوجد عندنا” أو “عندي” 200 طالب، وكأنما المدرسة أصبحت باسمه، أما مديرة التربية المرّيخيّة تحاول أن تجمع المدارس، وتنظمها، ولكن على أهواء أشخاص وليس على أساس بناء مديرية تربية تكوَّن لكل سكان المريخ.
- إذا بحثنا في الجانب النفسي لكل سكان المريخ، سنجد أنّ “الأنا” متضخمة جداً، بحيث يتحدّث رئيس الحي ويقول لكل داعم، عندي 2500عائلة، وآخر يقول أنا عندي 3500 عائلة، وأنا الأولى بالدعم، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الفصائل حيث سيقول لك قائد شهداء المريخ عندي 4000 مقاتل وقدمتُ 1000 شهيد.
أطلقت مؤخراً حملة #توحدوا_أو_انصرفوا ، والمقصود بها قادة الفصائل العسكرية في كوكب المريخ، وربّما يسأل سائل: كيف سيتوحدون في مجتمع يشكل كل ثلاثة أشخاص منه وحدة خاصة بهم، ويرفضون انضمام أي شخص آخر إليهم حرصاً على مكاسبهم؟!
في ظلِّ كل ما ذكرناه سابقاً أرجوا أن أكون قد وفّقت في تحديد الأسباب الرئيسية، التي تمنع توحد الفصائل العسكرية، والمؤسسات الأخرى في كيان واحد من أجل دفع الخطر عن كوكب المريخ، وتوته توته خلصت الحتوتة.