أ. أنس عزت
إنّ مما يُشعر المعلّم المتخلّق بآداب العلم الحاملَ لأمانته بحق ما يراه من تهاوُن معظم الطلبة بآداب طالب العلم، في تعامله مع نفسه وكتابه وأصحابه ومعلّمه، فصِرنا نرى من يجاهر بأن هذا العلمَ ثقيلٌ عليه، ويتضجر منه أمام مدرسه، ويتمنى الخلاص منه بأي وسيلة، ومن يمتهنُ كتاب العلم أشد الامتهان، وليته يكتفي بأن يجعل كتابه بوقًا أو صندوقًا – وقد قال العلماء : لا تجعل كتابك بوقًا ولا صندوقًا – إذًا لهان الخطب في هذه الأيام العجاف، بل إنّ صُورَ إذلال كتب العلم بلغتْ مبلغًا عظيمًا، والأمر في معاملة الأصحاب والمعلم أشدُّ وأعظم.
كل هذا يجعل مِن أَولى ما ينبغي أن يعتني به التربويون والقائمون على صناعة المناهج والمعلمون، قبل كتابة المناهج وتعليمها وإيضاحها، كتابةَ ورقات تكون دستورًا في آداب طالب العلم في معاملته لنفسه، ولكتابه، ولأصحابه، ولأستاذه، وغرْسَ قيمها في نفسه، ليكون بعدَ ذلك متهيّئًا لتلقي العلم وفهمه.
وهذه الآداب إذا لم يُعْنَ بتوضيحها أستاذٌ امتلأ قلبه وعقله بآداب العالم، وتمثلتْ قيم العلم في شخصه، وكان أُنموذجًا يقتدي به طلابه، فلن نصل إلى نتائجَ مرجُوّةٍ ، وسيبقى الواقع الذي نعيشه نتيجةً حتمية لمقدّمات سعى المعلمون والقائمون على شؤون التعليم إلى تثبيتها بعلم أو بدون علم.