بعد عجز المجتمع الدولي في إيجاد حل لمواجهة الطيران الذي يرتكب مجازر بحق ملايين السوريين، كان لابدَّ من إيجاد وسيلة لحماية المدنيين وإنذارهم للاختباء والتحصن في الملاجئ والأقبية حتى انتهاء الغارات للتخفيف من أضرار القصف.
أصوات كثيرة اعتاد عليها السوريون، كأصوات المدافع والرشاشات والقذائف وسيارات الإسعاف التي تحمل جميعها اﻹحساس بخطر الموت، لكن الصوت الأشد رعبا هو صوت صافرات الإنذار يتبعها هدير الطائرات الذي بات له أثر تدميري كبير على النفس.
إيجابيات صافرات الإنذار:
تحاول صافرات الإنذار التي وضعتها فرق الدفاع المدني في المناطق المحررة ضمن أماكن متفرقة داخل المدن والبلدات، وذلك لتحذير الأهالي من غارات جوية محتملة تخلف وراءها مجزرة، لعل تلك الصافرات تقيهم من خطر الموت بالصواريخ والبراميل المتفجرة أو تخففها على الأقل.
كما ويجد بعض المدنيين فرصة في حال عدم سماع الصافرة لقضاء الحاجات خارج المنزل والتسوق فهذا الابتكار سبب جزءا ولو بسيطا من الراحة لمتابعة العيش داخل المدن المحررة.
توضع صفارات الإنذار في الأسواق والأماكن المزدحمة في المدينة وبمكان مرتفع ليصل الصوت إلى أكبر عدد من الناس لأخذ الحيطة وفض التجمعات، كما وتعمل هذه الصافرات بالتنسيق فيما بينها وبين المراصد، ويسبب ذلك الصوت هلعا ورعبا بين الناس منذرا بموت قادم من السماء من خلال الطائرات الحربية.
يقول أبو الشوق أحد مشغلي الصافرات في مدينة إدلب في منتصف سوق الخضار:” قد تكون الصافرات خطوة جيدة في إنقاذ بعض المواطنين ممن لا يمتلكون جهاز لاسلكي “قبضة” خاصة بعد ارتكاب مجازر متعددة في هذا السوق المزدحم، وما إن يأتني أمر التشغيل عن طريق القبضة تبدأ الصافرة بإنذار المدنيين لفض التجمعات والاختباء”.
ويعود الفضل الأساسي للمراصد التي ترصد حركة إقلاع الحربيات المحملة بصواريخ وبراميل الموت من المطارات والمتجهة نحو المناطق المحررة.
سلبيات صافرات الإنذار:
لصافرات الإنذار سلبيات أبرزها أنها تتسبب بأمراض نفسية لمعظم المدنيين وخاصة الأطفال والنساء، كونهم يدركون ما سيحصل بعد سماع هذا الصوت من موت ودمار، مما ينعكس سلبا على سلوكياتهم وتصرفاتهم، فالخوف أصبح يرافق الكبير والصغير لدرجة أنَّ أصوات الآليات أو سحب الأشياء أصبح يزرع الخوف لدى الصغار والكبار، وقد يتم استهداف الصافرات من قبل الطيران الحربي ممَّا يؤدي إلى دمار كامل المبنى الذي قد يحوي مدنيين في بعض الأحيان.
أم سامي من مدينة إدلب: ” أصبح صوت اﻹنذار عالقا في أذهاننا أنا وأولادي الصغار، حتى أنه قد لا يكون هناك صوت ﻷي صافرة، كما أن ابنتي ماسة البالغة من العمر 5 سنوات ما إن تسمع هذا الصوت تجلس وراء الباب وتبدأ بالصراخ، لقد سبب الصوت لها وضعا نفسيا سيئا”.
ومع كل هذه الاحتياطات بوضع صافرات الإنذار لأخذ الاحتياط، لكن الطيران قد يأتي على غفلة من دون أن تشعر به المراصد، أو قد تطلق الصواريخ على مدى بعيد منها، أو قد يأتي الموت من البوارج الروسية وقواعد الصواريخ (أرض أرض – سكود والغراد) وغيرها من الصواريخ بعيدة المدى التي لا يمكن للمراصد التقاطها في بعض الأحيان قد تتسبب في مجازر كبيرة بحق المدنيين ودمارا واسعا.
الغريب بالأمر صمود الشعب السوري في التأقلم مع العيش في تلك المناطق خاصة في مدينتي حلب إدلب وريفهما بالرغم من ارتفاع وتيرة القصف فيهما من أطراف متعددة الجنسيات، ففي اليوم التالي للمجزرة والصافرات لا تكاد تهدأ تجد باعة وتجارا وأناسا يصرون على العمل ومتابعة الحياة التي قد تبدو لكثير من الناس ضربا من المستحيل، خاصة في مدينة حلب التي اعتبرها المجتمع الدولي أخطر مدينة للعيش، لكنه شعب يحب الحياة كما يحب الموت.
سلوى عبد الرحمن