بقلم زمرد أبو زيد
جميعنا يعلم أنَّ الحرب سجال، لأنَّ سنة التدافع على هذه الأرض تقتضي ذلك، بغض النظر عن الأطراف المتنازعة من حيث قربها إلى الحق أو ابتعادها عنه، لأنَّ هناك حكما ربانية تتعلق بتأخير النصر، وربَّما يكون التأخير منحة ربانية كبية، لمراجعة النفوس وصفاء الصدور ورص الصفوف وتصحيح المسار.
فيوم لنا ويوم علينا ويوم نساء ويوم نسر
إلا أنَّ هذا الكلام لا يعني القعود والانتظار، فالإنسان مكلف بالعمل وإن وجد النتائج غير مرضية وغير متناسبة مع حجم الأعمال والتضحيات والبذل، كل ذلك من أجل الوصول إلى ساعة النصر، فلا بدَّ من رسم الطريق وتعبيده لمن سيأتي بعد، وإزالة الحواجز بأنواعها كافة، وترتيب الأعداء بحسب خطرهم على الأمة وترتيب العمل بحسب الأولويات.
وربما تكون أولى الأولويات التي يجب أن يعمل بها أبناء الثورة السورية في الوقت الحالي هي المسارعة إلى اقتحام صفوف الباطل وكسرها وضربه في عقر داره، فالنظام السوري يحاول أن يتبع هذه السياسة معنا منذ أكثر من سنتين، فقد دخل أجزاء كبيرة من المناطق المحررة، ونجح أخيرا في فرض طوق الحصار على مدينة حلب، لكي يركع أهلها وينزلهم على إرادته، وقد أنفق في سبيل ذلك الكثير من موارده المالية والبشرية.
إنَّ الثوار اليوم مطالبون بالدرجة الأولى ألا يكتفوا بالبكاء على الأطلال التي يصنعها النظام لهم كل يوم، وأن ينبذوا ثقافة اللطم الغريبة عن مجتمعاتنا الإسلامية، وأن يبتعدوا عن خطاب المظلومية الذي لا يزيد النفوس إلى وَهنا وانكسارا، بل المطلوب هو المضي قدما، واقتحام الصعوبات وتذليلها، وصد الحرب النفسية التي يقوم بها النظام وشيعته، والاستفادة من هذه المحنة الكبيرة التي نتعرض لها من خلال إعداد الشباب المجاهد وشحذ همم الناس بالقوة للدفاع عن دينهم ومدينتهم وأعراضهم، وقد رأينا صورا رائعة من ذلك قبل أشهر، إذ كانت النتائج إيجابية، فانقلبت صورة صراعنا مع العدو في معركة كسر الحصار الأولى، وانتقلنا من الدفاع إلى الهجوم والتحرير، من كوننا محاصَرين إلى محاصِرين، فزادت هيبتنا أمام العالم، وبدأت عصابات الأسد وميليشياته تحسب لقوتنا ألف حساب، فما كان منهم عند رؤية طلائع المجاهدين إلى الموت أو الهرب.
نعم، لقد كانت لنا تجربة، وكسرنا هذه الحواجز، ودحرنا قوات الأسد من مناطق واسعة في جنوب حلب، فكان ذلك الهجوم دافعا لمواصلة الطريق، تطبيقا عمليا لقوله تعالى: “ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون” ولقوله صلى الله عليه وسلم: “الآن نغزوهم ولا يغزوننا” فظهرت حقيقة قوات الأسد المزعومة وحددت مواطن ضعفه، وسقطت هيبته، وتبين لمؤيديه والمدافعين عنه أنَّه لا يساوي شيئا أمام قوة الحق، وأنَّ الإرادة الشعبية المضحية بإمكانها كسر ألف حصار.
إنَّ أبواب النظام السوري في حلب كثيرة، وتنتظر الشرفاء الصادقين، وتترقب الرجال الحقيقيين وساعة البدء، أمَّا العدو فكلنا يعرف وَهنه وجبنه، وهذا هو حال الباطل لا بدَّ أن يسقط عند المواجهة الحقيقية على الرغم من محاولاته اللعب على العقول وشن الحروب النفسية كما قام مؤخرا بالإعلان عن بدء معركة (تحرير حلب).
لنكن على يقين بأنَّ نصر الله قادم، وبأنَّ التمكين للمؤمنين الصادقين، مهما علا الباطل وانتفش ريشه، ومهما بدا قويا، وإنَّ غدا لناظره قريب.