بقلم أنس إبراهيم
التَّوَحُّد أو الذاتويّة هو اضطراب يظهر عادةً لدى الأطفال من القادة قبل السنة الثالثة من عمر الثورة، ولكنها في الحالة السورية مختلفة تماماً؛ إذ أننا نلحظ تبايناً واسعاً بين القادة الأوائل من عمر الثورة وبين القادة المتأخّرين، فالأخير كلما تقدم عمر الثورة ازدادت عليه الأعراض الخطيرة التي تؤدّي في النهاية إلى اضطراب النمو المعرفي المتفشي.
هذا المرض يؤثر على نشأة الطفل القائد، الذي انتقل بشكل مفاجئ إلى تصدّر القيادة ليشرب بكأس العز والهيبة دونما سابق حظّ يذكر، فقد نشأ نشأة حديثة، حيث أنها كانت وليدة زمن الفوضى واللامسوؤلية، ولذلك فهو يتميز بتطور غير طبيعي أو قاصر بثلاث طرق:
- اللغة، أو كيفية التكلم، حيث نجد لديهم لغة ركيكةظهرت للمرة الأولى في مرحلة القيادة الطفولية والبدائية لهم، إلى أن استجلبوا من يخطّ لهم البيانات البراقة والمنمّقة، ترقّع عور ذلك المرض بدلاً من استطبابه.
- المهارات الاجتماعية، أو كيفية الاستجابة للآخرين والتواصل معهم، فهناكخلل وظيفي في التفاعل الاجتماعي المتبادل وفي التواصل، وخاصة مع الشعب الثائر الذي تحمّل كافة أنواع الحمم التي يقصف بها من الطيران الحربي والمروحي وغيرهما من الأسلحة المحرّمة في سبيل الوصول إلى أهداف ثورته التي كادت أن تنحرف بمرض هؤلاء الأطفال من القادة.
- السلوك، أو كيفية التصرف في مواقف معينة؛فهي عبارة عن سلوكيات نمطية تكرارية محدودة أو سلوكيات قهرية تنحازللالتزام بقواعد مقروءة عليهم، وتتجلّى في اتخاذ قرارات مصيرية تنعكس سلباً على الأمة جرّاءتأثير آفة التوحّد على عملية معالجة البيانات في دماغهم الصغير، وذلك بتغييره لكيفية ارتباط وانتظام الخلايا العصبية ونقاط اشتباكها مع هكذا معضلات من عمر الثورة.
وثمة أنواع مختلفة من التوحد أو الذاتوية. وتختلف أعراض التَّوَحُّد أو الذاتوية من طفل حبا إلى تسلّم القيادة إلى آخر. ولهذا السبب يُقال بوجود اضطرابات طيف التوحّد في عموم متسلمي قيادة الثورة منذ بدء ظهوره في أوائل عام 2013 م إلى أن تتطور إلى ما هو عليه الآن، فالتَّوَحُّد أو الذاتوية يصيب القادة الأطفال من كل الأطياف والشرائح والتوجّهات.
إنّ للتوحّد أسساً وراثية قوية، على الرغم من أن جينات التوحّد معقدة، إلا أنه من غير الواضح ما إذا كان يمكن تفسير سبب وباء التوحّد من خلال الطفرات النادرة التي تفرزها الثورة، أن من خلال وجود مجموعات نادرة من المتغيّرات الجينية المشتركة لإنتانات الثورة أيضاً.
وأظن أننا يجب أن نتوقّف عن دعوة القادة إلى التوحّد ﻷننا أصبحنا محطّ سخرية وتندر بكثرة النداءات التي لن تسمع من مات قلبه وباع دينه”.
إذاً لربّما يظل الأمر على ما هو عليه على حدّ وصفه إذا لم يحققوا شروط العلاج الناجع لهم، أمّا في حال امتثل هؤلاء الأطفال من القادة للشفاء حقيقة، فلا ينبغي عليهم التوحّد بمعناه السليم على مشاريع ضبابية أو استقوائية أو على دعم لن يزيد الوضع إلا سوءاً على سوءوالأمثلة كثيرة .فالمطلوب شرعاً هو التوحّد والاعتصام بحبل الله، وليس الاعتصام فقط،والاعتصام بحبل الله يلزمه أمرين أساسيين:
- الانعتاق من التبعية للغرب وعملائه إقليمياً ودولياً، وذلك بعدم أخذ المال السياسي القذر والذي لم يأتي لنا إلا بتوقيف الجبهات والهدن واقتتال الفصائل ومزيد من سفك الدماء وهتك الأعراض.
- وجود مشروع واضح ومكتوب، مستنبط من الكتاب والسنة يبين شكل وتفصيلات الدولة التي نريد،وما عدا ذلك من محاولات هو مضيعة للوقت على حساب دماء المسلمينأو هو محاولات لحرف الثورة عن مسارها ومطالبها، أو هو لتقسيم البلد.
وهنا لا مكان لحسن النية،فالنية الصالحة لا تصلح العمل الفاسد.