منذ بداية الحملة الروسية الشرسة بعد الهدنة المزعومة، بدأت كلا من روسيا ونظام الأسد بقصف جنوني بكافة أنواع الأسلحة والصواريخ الفتاكة والمحرمة دوليا من فوسفور وعنقودي وصواريخ ارتجاجية على الأحياء الشرقية لمدينة حلب، خلفت مئات الشهداء ليصل إلى أكثر من 750 شهيدا و2000 جريح منذ 17 أيلول الجاري بالإضافة لدمار واسع في الأبنية والممتلكات حيث إنَّ القصف غيَّر ملامح الأحياء الشرقية تماما، وأصبحت الأنقاض تملأ الشوارع، فلم تعد فرق الدفاع المدني قادرة على رفعها.
خلال فترة العيد كان من المفترض دخول المساعدات لأحياء حلب الشرقية، إلا أنَّ محاربات النظام وروسيا وقصف شاحنات المساعدات الإنسانية دون أي إدانة أو عقاب للمجرم من قبل الأمم المتحدة ومجلس الأمن، أعطى حافزا ” الضوء الأخضر” لاستمرار قصف أحياء حلب القديمة وتدميرها فوق رؤوس سكانها.
وكالعادة لا مواقف دولية ولا حياة لمن تنادي من قبل زعماء العرب والمسلمين حتى الإدانة والتنديد لم نعد نراها، إلا أنَّ الجرح لا يؤلم إلا من به ألم، فقد نظَّم عدد من الناشطين في مدينة إدلب وريفها وفي الشمال السوري وقفات تضامنية مع أهالي حلب في الأحياء الشرقية أبرزها كانت من قبل ناشطين في البيت الإدلبي ومجلس أعيان إدلب وأطباء المشفى الجراحي التخصصي في المدينة، حيث نددت جميعها بالصمت الدولي تجاه المجازر التي يرتكبها الطيران الروسي والسوري، ورفع الناشطون شعارات ولافتات كتب على بعضها “كلنا مع حلب، روسيا إيران أمريكا أنتم الإرهاب، مجازركم تزيدنا إصرارا على إسقاط النظام”.
وكان للعالم الغربي ردود فعل مختلفة سبقت الدول العربية إلا أنَّ جميعها لم تلقَ صدى لدى صنَّاع القرار في الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
دوليا طالبت وزيرة خارجية السويد “مارغوت فالستروم” روسيا والنظام بوقف اعتداءاتهما على مدينة حلب وقالت: إنَّ القصف العنيف الذي يتعرض له المدنيون في حلب يبعث الحزن في نفوس الجميع، وإنَّ المشاهد المروعة لانتشال الأطفال من تحت الأنقاض ورؤية جثث القتلى من المدنيين في الشوارع واستهداف المراكز الصحية، أمر لا يطاق ولا يمكن تحمله”.
وكذلك فرنسا وبريطانيا وجهتا اتهاما في مجلس الأمن لروسيا والنظام بقصف المدنيين وارتكاب مجازر مروعة بحقهم، ولكن عبثا تلك الاتهامات، فروسيا باتت لا تأبه بأحد وتقوم باستعراض قواها وأسلحتها المتنوعة في أحياء حلب الشرقية وآخرها كان الصواريخ الارتجاجية.
فيما اعتبر الاتحاد الأوروبي القصف على حلب إهانة للعالم كله.
وأدانت الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وهيئة كبار العلماء الأحد الماضي شدة الحرب العدوانية المدمرة التي يقوم بها المجرم بشار وحلفاؤه في حلب من قتل ودمار، وأكدت أنه يجب على العالم أن يتجاوب مع ضمير الإنسانية بإيقاف هذه الحرب فورا.
وقد طالب مجلس محافظة حلب الحرة في وقت مضى العالم العربي والدول الإسلامية والمجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بوقف المحرقة التي تتعرض لها المدينة على أيدي روسيا وقوات النظام، وطالبت بفك الحصار عن المدنيين وإقامة منطقة حظر طيران.
بينما يمطر النظام وروسيا الأحياء السكنية في حلب بوابل من الأسلحة المتنوعة حتى يبدو الوضع وكأنَّه مشهد من يوم القيامة، محرقة لا يسلم فيها البشر ولا الحجر.
تئن حلب بجراحها وآلامها، وأطفال يسيطر على قلوبهم الخوف، منهكون من الحصار وشدة القصف، فما يعيشونه يفوق قدرة سكان الأرض، حيث يقف العالم متفرجا على أشلاء أطفال حلب وغيرها ولا شيء سوى التنديد والقلق، ويبقى شهداؤنا مجرد أرقام تمر على وسائل الإعلام، بينما ستبقى منارة وحافزا لأجيال ستعرف طعم الحرية، وكذلك ستبقى حلب وأهلها شوكة في حلق النظام وحلفائه، فأهلها صامدون على الرغم من كل ما يمرون به من تجويع وقتل ودمار.
سلوى عبد الرحمن