بقلم : نور العليبعيداً عن صخب الحرب وضوضاء الفوضى المرافقة للعمل المدني في ظل هذه الظروف القاسية, يقف الشّاب حائراَ عند عتبة الزواج يبحث من أين يبدأ؟ ومن يختار؟ وكيف يحدّد مواصفات شريكته؟أسئلة كثيرة تجتاح خاطره فتؤرّقه.البعض ربمّا يسّلم زمام الأمور إلى القلب, ويترك له الخيار فيكون زواجه منطلقاّ من الحبّ كأساس لبناء الأسرة، وآخر يترك العقل يتصرف معلّلاَ أن الفهم و التفكير أساس بناء الأسرة، ومنهم من يلجأ إلى العادات والتقاليد، ولكلٍّ غايته من الزواج، فهذا يرغب أن يلبيّ غريزته بطريقة رسم الله منهجها، وذاك يبحث عن استقرار روحيّ عاطفيّ، تختلف رغباتهم ,لكنّهم يتفقون أنّ الشريكة راحة وسكينة، وعليه فهنالك أسس سليمة, ينبغي الانطلاق منها, للوصول إلى هذه النتيجة.لطالما أنّ تمام النهايات يكون بجمال البدايات.فالزوج يريد زوجة صالحة تمتاز بالدِّين، وتتحلّى بأفضل الأخلاق، ذات حسب ونسب وجمال.و الزوجة تريد زوجاً صالحاً يخاف الله ويخشاه، بارّاً بوالديه ، ذا حكمة وشخصيّة قويّة ، قادراً على تحمّل أعباء الأسرة ، كريماً حنوناً . لكن قبل الخوض في الأسس المتكاملة لحياة سعيدة، نريد تسليط الضوء على معادلة ( نمط الحب لدى الشريكين )إنّ العلاقة التودّدية قائمة على ثلاثة أركان:- الأول :الألفة النفسيّة بمعنى الشعور بالأنس والمودة الداخليّة عند الحديث مع الطرفالآخر, وعند تذكره والتفكير في مواقفه , مما يعني الشعور باللذّة والانسجام, والثاني : يتمثّل بالعاطفة البيولوجية ونعني بها إحساس الإنسانبغربة إذا عايش الناس بعيداً عن زوجته فهو دائماً يلمس إحساساً مختلفا ومتميزاًفي حياته الزوجية , لذلك فهو يفضّله على من سواه ويسعى إليه, والثالث : يمثله الالتزام و هو متصل بالجانب الاجتماعي , حيث يجب معرفة تاريخواهتمامات الطرفين , وما يحبّ كلّ منهما أو يكره , ثم المواقف التي أثّرت في حياته , مع الوقوف عند النّقاط التي غيّرت من سلوكه وطريقة تفكيره ، وكذلك أحبّ الناسإليه والقدوة التي يقتبس منها، بالإضافة إلى مواطن القوة والضعف من جهةالإحساس بالنّسبة إلى الطرف الثاني، بهذه الثلاثية تصبح الحياة مهيّأة للنّجاح .وأما بالنّسبة إلى مقومات الزواج الناجح , فسنجد أنّها أربعة مقومات يقوم الأول علىالأمن النّفسي ويمثّل ضوء الحياة ، فالمرأة تحتاج إلى أن تكون رقم واحد فيحياة الرجل, لتطّمئن أنّه لا يفكر في سواها، كما أنّ الرجل يحتاج إلى التقدير, وإشعاره بالرّجولة والقوامة حتّى لا يهزم أمام نفسه ، والثاني يتمثل بالحوار, و هو كالهواء بالنّسبة إلى الزواج , وله معنيان : الأول كلام المقال ،والثاني علامات المقام ، وهذان العنصران يجب القيام بهما عند الحوار مع الشريكالآخر بالقول الطّيب والإشارة المعبّرة عن الاحترام والاعتزاز بتلك الحياةالزوجية.الزّواج هو راحة نفسيّة تنشر نشوتها العطرة مهما كانت الظروف قاسية مؤلمة . هو الأمان في زمن فقدنا فيه الأمان ، هو الرّحمة في زمن اختفت فيه الرّحمة.هو السكن النّفسي إن أحسنّا الاختيار, اختيار من يرتقي بنا وبديننا وبأخلاقنا، فما أشدّ حاجتنا في هذه الظروف القاسية الموجعة لروح تسكن روحنا، تمسح عنّا نصب الأيّام وتعبها !!