عائشة الكرمو
” انفروا خفافاً وثقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون”
الجهاد أمر من الله للدفاع عن الدين والأرض والعرض، فبعد أن عاث النظام وحلفاؤه في حلب فساداً، وبعد أن أطبق الحصار في حلب، وقطع جميع أذرعها الممتدة إلى ريفها، لا زال يواصل القصف بشتى أنواع الأسلحة الثقيلة والمحرمة دوليا.
وها هي اليوم حلب تنادي وتستغيث أبناءها للدفاع عنها، فمعارك الثوار فيها لا تتطلب نبعاً من الأسلحة بقدر ما تحتاجه لخزّان بشري من الشباب الذين يبايعون الله على الشهادة أو النصر، وما تحتاجه حلب أكثر هي أمٌّ تحمل قلباً يؤمن بالله وتدفع بولدها للجهاد، فمشاعر الأمومة وخوفها من أن تثكل ابنها يجعلها بين إمساكه عن الجهاد ودفعه إليه في حيرة من أمرها، أتمسكه وتبقى حلب في طوق الحصار أم أنها تدفعه للجهاد تلبية لنداء حلب المغتصبة وفي قلبها شعلة من نار؟ وخصوصاً بعد أن أعلن مشايخ الجبهات عن النفير العام.
وتبعاً لذلك قامت صحيفة حبر باستطلاع لرأي الأمهات، ألقت من خلاله سؤالا على 180أم، تعرفت على آرائهنّ في هذه القضية، هل للأم قوة قلبية وإيمانية بأن تدفع بولدها للجهاد وتشجعه، ولماذا؟ فكانت نسبة الأمهات اللواتي أدلين بنعم هي 61 %،واللواتي أجبن لا هي 19 %، والأمهات اللواتي قلن لا أدريكانت نسبتهن 10 %.
ولم تكتفِ بعض الآراء بالإجابة على الاستطلاع فحسب، بل كان لهنَّ تعليقات متفاوتة، حيث عبرّت أم محمد البالغة من العمر 52 عاماً وهي ربة منزل، وأم لأربعة عشر ولدا بين إناث وذكور، بقولها: “ولدي كان في الجبهة منذ بداية الثورة، وذهب إلى مناطق متعددة للجهاد، وكنت أحثه وأشجعه على ذلك، إلا أنَّ ما حصل فيما بعد بدأت المصالح الشخصية تغلب على المصالح الثورة ومصالح الدين، وأصبحت المناصب أهم من النصر عند البعض، ففضل ولدي أن يخرج إلى باب آخر للجهاد ألا وهو التدريس، وأنا شجعته منذ اتخاذه القرار وإلى الآن، ولا أرغب لتغيير هذا المسار، لقد ارتضيت لولدي جهاد القلم فقط”.
وكذلك أم عبد الكريم التي تبلغ من العمر 43 سنة عبرت عن رأيها بكل صراحة قائلة: ” قطعاً لا، فأنا لدي ثلاثة شبان إلا أنني لا أشجع أيا منهم للخروج إلى الجبهة، فأنا لم أرسل بهم إلى عسكرية نظام الأسد لأرسلهم إلى الجبهة، كلاهما لن يمدهم بأي فائدة، إلا الموت الذي يلاحق الجبهات بكثرة، فأنا لا أملك القلب القوي الذي يزج بأبنائي إلى الموت”.
وها هي أم عبدو وهي تبلغ من العمر 48 سنة وهي أم ثكلت ابنها المجاهد منذ ثلاث سنوات تقول: ” أكيد نعم، أشجعه وأدفعه، فإذا أنا لم أرسل بولدي، وغيري لم ترسل بولدها، من الذي سيحارب العدو؟ ومن الذي سيدافع عن ديننا؟ أنا لم أرَ أغلى من الولد فهو فلذت الكبد إلا أنه لن يكون أغلى من الأرض والدين، شخصيا أرى أنَّ الأمهات اللواتي يخفن على أبنائهن من الموت، هن يفضلن الدنيا على الآخرة”.
وقالت أم عمر والتي عمرها 36 سنة ولديها خمسة أولاد، أربع إناث وذكر واحد، وهي أرملة منذ عشرة أعوام: ” لا أدري، ولدي هو المعيل الوحيد لي ولبناتي الأربعة، فهذه الظروف الصعبة نحتاج لسند فيها وخصوصاً أننا لا نملك وظيفة أو حرفة يدوية، وأنا أعتبر أنَّ مساندته لنا جهاد لقول الرسول لأحد أصحابه حين جاءه يطلب الجهاد فقال له الرسول: ألك أبوان، فقال: نعم، فقال: اذهب وجاهد فيهما.”
ولقد وصفت أم زكريا البالغة من العمر 27 سنة رأيها قائلة: ” نعم ونعم، طفلي الكبير لا يزال في العاشرة، ولو كان ابني شاباً لدفعته للجهاد، فالجهاد حق علينا نحن المسلمون وفخر لنا”
إنَّ الجهاد في بلدنا جهاد دفع الصائل، أي هو فرض عين على كل مسلم ومسلمة، إذ إنَّ العدو بات يصول ويجول في بلادنا، فما تعانيه اليوم حلب يحتاج إلى نساء يحملن قلباً مفعماً بالإيمان أصلب من الصوان قبل الرجال.
وتعتبر النسب التي ذكرت سابقا لآراء الأمهات بشائر خير للأمة الإسلامية بالنصر والظفر على النظام النصيري، وتطهير سوريا من رجس الروس والمجوس.
فلا تتقاعسي أيتها الأم الفاضلة عن دفع ابنك للجهاد، وعليك أن تعلمي بأنَّ تهاوننا وتذمرنا بالجهاد وترك البلاد لظلمة، ورمي مسؤولية نزع هذا الطاغية من بلادنا، سيبقِي لأحفادنا المأساة التي نعانيها نفسها.