قطاع طبي برمته داخل مدينة إدلب الخارجة عن سيطرة النظام منذ ما يقارب السنتين يعاني من خلل في عمله جراء القصف المستمر من طائرات النظام وحلفائه من جهة، ونتيجة للنقص الشديد في المعدات والأدوية والكوادر الطبية بشكل عام من جهة أخرى.
وبهذا الشأن التقينا مع الدكتور “حسام الدين دبيس” مدير المشفى الجراحي التخصصي في مدينة إدلب ورئيس قسم الرعاية الثانوية والثالثية بمديرية صحة إدلب الذي وضَّح وضع القطاع الصحي داخل مدينة إدلب قائلاً لصحيفة حبر: “بالنسبة إلى الدعم في المشفى الجراحي التخصصي تقدمه منظمة “Sema” كوساطة لمنظمة “راف” الإنسانية القطرية، والوطني المركزي مع المشفى الأموي من “Sams”، بينما مشفى الداخلية تدعمه منظمة (ريليف انترناشونال)”، من الناحية المالية كالرواتب للكادر الطبي وإدارة الكلفة التشغيلية بالإضافة إلى بعض الأدوية والمستهلكات الطبية أحياناً لجميع المستشفيات السابقة الذكر.”
أمَّا عن أجهزة التصوير المتوفرة بمشافي مدينة إدلب تحدث دبيس عن الحاجة الشديدة إليها واقتصارها على جهازي تصوير شعاعيان بسيطان ويتعرضان أسبوعياً لأعطال وأحدهما بدون تحميض؛ نتيجة عدم اتساعهم لضغط كل الحالات الآتية إليهم يومياً، ولم تستجب المنظمات لمطلب جهاز البانوراما لأنه غالي الثمن، فضلاً عن وجود جهاز واحد طبقي محوري كان تعرض لإصابات إثر القصف الجوي عدة مرات، ودائماً تجري صيانته، ولكي يتم تغطية معظم المرضى في مدينة إدلب هم يحتاجون لجهازين آخرين منه.
وأضاف بأنَّهم يعانون من ضآلة أجهزة الإيكو العامة و(البطن، قلب) خاصة، حيث لا يوجد سوى جهاز أو 2 بكل نقطة طبية وهي بسيطة، وأن إدخالها لسوريا صعب تقنياً ومالياً، وأجهزة الإنعاش هي الأخرى قليلة وضعيفة مع جهاز الرنين المغناطيسي.
وعند سؤالنا دبيس عن نوعية العمليات الجراحية التي يجريها الكادر الطبي الموجود في مدينة إدلب أجاب: “نحن قادرين على إجراء أغلب العمليات الحربية والباردة باستثناء بعض العمليات التي تحتاج لمفاصل ومستهلكات عظمية والجراحة العصبية لعدم وجود طبقي محوري مساعد وغياب صفائح لكسور العمود الفقري”.
وأكد دبيس على حالات البتر التي تحصل في مدينة إدلب بقوله: “حوادث أذى الأطراف تأتينا شديدة جداً ” وكذلك الحالات الهرسية ” أي الطرف مهروس بشكل كامل غالباً، وغير وظيفي، ولا فائدة من وصله، لأنه بحال وصله بالشريان لطرف مهروس يسبب أذى للكلية أو الكبد فنضطر للبتر حفاظاً على العضوية العامة ومنع حدوث أذيات أخرى، لكنا قمنا بعدة عمليات، فقد وصلنا شريانين وأعصاب للأطراف التي لازالت تعمل وظيفياً بما هو متوفر لنا”.
وقد أشار دبيس إلى كيفية سيطرتهم على الوضع الطبي بحال حدوث مجازر بمدينة إدلب، من خلال رفع الجاهزية التامة واستدعاء كل الكوادر الطبية، ويتوقف العمل للحالات الباردة ماعدا الاسعافي، وينسقون مع مشافي الريف القريب لنقل المرضى للإسعاف جراء الكم الهائل من الجرحى الذي لا يستوعبه أي مركز مهما كان كبيرا.
المثير للانتباه بحديث دبيس ذاك النقص الحاد أو الفقدان في مدينة إدلب بالنسبة إلى الجراحة العصبية والأوعية التي بالكثير لها طبيبان، وأمراض الدم والغدد المفقودة تماماً، وبالانتقال إلى العيادات العينية المختصة فقط بالحالات الإسعافية والملغي فيها العمليات الجراحية بظل غياب جهاز “الفاكو” مجهر العين، ومثلها العيادات الأذنية المحصورة بنقطة طبية وحيدة والتي تخدم الإسعاف ويستدعون المختص.
مشاريع كثيرة يعتبرها دبيس من الحاجات الضرورية ويجب وجودها في مدينة إدلب مثل عامود أساسي لتأمين قطاع طبي متوازن يسهل مسيرة ذهاب وإياب آلاف السكان كونها مركز المحافظة، ألا وهي (مخبر مركزي يحتوي كل الأجهزة المخبرية الحديثة لإجراء جميع التحاليل المطلوبة، وعيادة شعاعية تتضمن غالبية أجهزة التصوير المتطورة، وبنك للدم يمكنهم من عمل بلازما وصفيحات).
الأدوية والمستهلكات الطبية تعاني نقصاً حاداً وفق ما أورد الدكتور “أيمن اليسوف” مدير قسم الإمداد والتوريد في مديرية صحة إدلب لصحيفة حبر، لأنَّ عدد المشافي في المحافظة ازداد بعد تحريرها، وارتفعت وتيرة القصف فكثرت الإصابات، إضافة لحركة النزوح الكبيرة من مناطق أخرى لإدلب المحتوية على مصابين، وذلك يتطلب وجود كميات ضخمة من الأدوية، والمنظمات الداعمة للمشافي بالمدينة لا تغطي 50 أو 60% منها، مما عرض مديرية الصحة لضغط كبير عند ترميم واستكمال حاجة المشافي، ورغم ذلك تمد المستشفيات ضمن المستطاع الأدوية الآتية إليها من منظمات طبية والموجودة بمستودعاتها، وأهم المستهلكات الشبه مفقودة (السيرومات، الشاش المعقم، الأنسولين، مستهلكات عظمية).
سالف الذكر هو غيظ من فيض إذا ما أردنا ذكر جميع التفاصيل المؤلمة والمعدات الطبية اللازم جلبها للنقاط الطبية والمشافي في مدينة إدلب، فإذا ما تم إرسال ضعف الكوادر والأدوات الطبية إليها والعمل على المشاريع الموجزة أخيراً في حديث دبيس يصبح من الممكن التلبية الذاتية وفق الموجود من ناحية القطاع الطبي، تزامناً مع مجمل الصعوبات والتحديات التي تعترض طريق الأطباء من عدة جوانب، معنوية ومادية وأمنية …
ميرنا الحسن