امتدَّ الدمار في سوريا إلى الحياة الزوجية بسبب الحرب التي سرقت آمال وأحلام السوريين في السعي للعيش الكريم، والخلافات بين الأزواج أمرا طبيعيا في كل أسرة إلا أنَّها تزداد بشكل كبير وقت الأزمات، وبعضها يصل إلى تفككك الأسرة التي تعتبر أساس المجتمع السوري، ليبقى الأولاد ضحية هذا التفكك الناتج عن الطلاق.
عوامل كثيرة كانت سببا في تدمير أسر سورية في الداخل والخارج أدَّت لعدم استقرار الحياة الأسرية، الوضع الاقتصادي يعتبر السبب الرئيسي في الخلافات الزوجية، فقد أصبح معظم الرجال يعانون من البطالة وضيق العيش، فقد اضطر كثير من الأزواج لترك أعمالهم والمكوث بالبيت بسبب القصف أو النزوح، الأمر الذي أدى لإهمال الزوج زوجته وأولاده ومتطلبات بيته وقت الأزمة ما دفع الزوجات للضجر وللشجار المستمر مع أزواجهن وطلب الطلاق، وهذا أضاف لحياة المواطن السوري مزيدا من الألم والأسى وخاصة الأطفال الذين قد يتعرضوا لانتهاكات كثيرة بسبب هذا الطلاق.
الظروف الصعبة، وعدم الاستقرار، وقلة الثقة بين الأزواج، وسوء المعاملة أسباب في تزايد تلك الخلافات، نساء سوريات كثيرات تعرضن للضرب من أزواجهن بسبب الوضع الاقتصادي والضغط النفسي الذي يعيشه معظم السوريين بسبب الحرب المستمرة أكثر من 5 سنوات، الأمر الذي يدفع ببعض الأزواج لضرب زوجاتهم ليخففوا الضغط عن أنفسهم، فتتعرض الزوجات للأوجاع الجسدية بسبب الضرب والخوف واليأس حتى وإن انتهى الشجار بالمصالحة التي تسعى إليها الزوجات في معظم الأحيان للمحافظة على أطفالهن من الضياع فيما إذا تطلقن، بالإضافة إلى عدم وجود مكان يلجأن إليه مع أطفالهن من ويلات الزوج والحرب.
بدأت نتائج الخلافات الزوجية التي تودي في معظم الأحيان إلى الطلاق تلفت نظر المجتمع داخل سوريا وخارجها، إلا أنَّها ازدادت في دول اللجوء الأوربية التي تناصر المرأة المعنفة من قبل زوجها وتشجعها على الطلاق إن كانت تملك الرغبة بذلك، فارتفعت نسبة الطلاق فيها الذي سجل أرقاما مضاعفة في حال مقارنته مع أعوام ما قبل الأزمة.
تعتبر الخلافات الزوجية كارثة اجتماعية تؤدي إما إلى الطلاق أو إلى انهيار البنية الأخلاقية والتربوية وأمراضا نفسية في نفوس الأبناء، التي تعتبر مأساة أكثر ضررا عليه من الحرب ذاتها لذلك ينبغي على الزوجين السعي للحفاظ على تلك الأسرة من الانهيار والتحلي بالصبر وضبط النفس لإيجاد الحلول لتلك الخلافات والوقوف في وجه كل المصاعب مهما كبرت لتبقى الأسرة هي المملكة الآمنة التي يلجأ إليها أفراد الأسرة للتخفيف من المآسي والمعاناة التي يمرُّ بها معظم الأفراد بسبب الحرب.
وصف الله عزَّ وجلَّ العلاقة السليمة بين الأزواج بكلمات قد تكون سببا في حل كثير من الخلافات بقوله تعالى: ” ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ” وبدون المودة والرحمة تصبح الحياة الزوجية أكثر شقاء وقلقا وتعبا وضياعا للحقوق والواجبات بين الأزواج.
سلوى عبد الرحمن