الشاعر أنس الدغيمنزل عن جواده ومشى بين المدارس التي لا تشبه المدارس إلا بأسمائها المكتوبة على جدرانٍ تريدُ أنْ تنقضّ، وارتجز يقول:سلامُ اللهِ يا حاس المعالي وألفُ تحيّةٍ للصّامديناوإنْ كانَ العزاءُ بدمعِ عينٍ فهذا دمعُنا ملأ العيوناولكنْ مـا يعزّي الحُرَّ دِينٌ وإيمــانٌ يُعِزُّ المؤمنينـافمرّ به رجلٌ وفي يده كتابٌ مِن دم، وقال له: هذا ما بقي من ريمفقال ابن كلثوم:تجلّدْ يا أخي في اللهِ واصبِرْ وقلْ يا ربّ: إنّا قد رضِينا(ألا لا يعلم الأقوامُ أنّــــــــا تضعضــعنا وأنّا قد وَنِينــا)ثمّ مشى قليلاً وإذْ بحقيبةٍ مدرسيّةٍ معلقّةً بذراع، فقال:حلفْنـــــا بالذي رفعَ الثّريّـــــا ومن مهَدَ الثّرى أنْ لا نليناومن حاسٍ ستنطلقُ السّــرايا وقد حملَتْ منَ الدّمِ ياسمينالتزرعَهُ بأرضِ (الشّامِ) حقلاً يضوِّعُ بالنّســـائمِ (قاسيونا)و اقتربتْ منه أمُّ أحمد و قالت: أما أحمد فقد اختاره المولى لجوارهوأمّا إخوتُه فهم مشاريع شهداء في سبيل الله والوطنفقال ابن كلثوم:أجــلْ واللهِ إنّــــا قــد عزمنـــا ونحنُ على المصائبِ صابرونا(إذا ما الملك سامَ النّاسَ حسفاً أبيـنـــا أنْ نـقـــرَّ الــذّلَّ فينـــا)(إذا بلـغ الفطــــامَ لنـــا صبيٌّ تخــرُّ له الجبـــابرُ ســـاجدينا)فيـا (حاسَ) المعالي إنّ نصراً يلـــوحُ، ســـيملأُ الدّنيــا يقينــاالأبيات بين هلالين لعمرو بن كلثوم