بقلم : أحمد الشامي هناك حيث كانت الشرارة الأولى لثورة الكرامة العربية، السابع عشر من كانون الأول، سيبقى موعداً يستحق الوقوف طويلاً في كل عام من تاريخنا القادم .اليوم في تونس ترتسم علائم الثورة كما يجب أن تكون ، التونسيون جميعهم على موعد مع النصر ، على موعد مع النهضة ، وموعد مع بلد يتسع للجميع .المراقب للتجربة التونسية منذ أربعة أعوام سيرى بوضوح المطبات التي حاول أعداؤها أن يضعوها في الطريق ، لم تكن التجربة في تونس بعيدة عن تجربة مصر وليبيا ، ولم تكن أيضاً بعيدة عن تجربة اليمن ، وربما سوريا في وقت من الأوقات . لقد حاول النظام السابق إشعال حرب في تونس كما حاول أن يلبس عباءة جديدة للعودة، أن يخلق مظاهر الانقلاب ، ولكن الشعب التونسي كان يقرأ التجارب جيداً ، كان ينظر حوله لاستخلاص الدروس في التاريخ والسياسة ، ولم تلاحقه عجلة الوقت لحصاد ثمار أوّل الثورات سريعاً، ربما يأتي الحصاد متأخراً “هكذا فهمها التوانسة” ولكنه سيحمل الخير العميم .تجربة النهضة في تونس لم تختلف عن بقية التجارب الإسلامية في بلاد العرب، ولكنها فهمت الإسلام منهجاً، وليس عرشاً وسلطاناً، اليوم في تونس ينظر المثبطون إلى فشل النهضة وخروجها من اللعبة السياسية، ولكن الحقيقة تقول أنها أصبحت في عمق التجربة ، بل وصارت الضامن الحقيقي لاستمرارها، عبر فهمها لمعنى قبول الآخر واحترام خيارات الشعب، هذا الشعب الذي لم يعد يعرف من الإسلام ما يعرفه أصحاب التجربة ، خمسون عاماً في تونس من التجهيل والتغريب كما هو حال بقية الدول العربية وبالأخص دول المغرب العربي ، لن يكون الانتقال منها أمراً هيناً، لذلك كان لا بد أولاً من إبراز الهوية والعمل على استردادها منهجاً وانتماء ، وليس قوةً وجبروتاً ، لأن القوة لا تصنع سوى نصرٍ سريع تليه الهزائم بذات السرعة تقريباً .لقد عرف أصحاب التجربة أنهم ليسوا على قدر كافٍ من الجاهزية لتحمّل الأعباء، وأن القاعدة الشعبية لم تزل طرية وغير مشبعة تماماً بالقيم الأصلية للمنهج ، ناهيك عن الصراعات السياسية المحتدمة جداً على الساحة التونسية، والتي تريد معظمها الانتصار بالضربة القاضية، كان خيار الخروج من النزال وقتها خياراً صائباً، ولكنه لم يكن خروج المنسحبين أو خروج المنهزمين، ولكنه كان خروجاً تكتيكياً ، حقق بعض النقاط المهمة في مفاصل رئيسية منتظراً الوقت الملائم لتحقيق الفوز ، ولكن ليس بسياسة الضربة القاضية ذاتها، لأنها سياسةٌ أدرك التونسيون من خلال قراءة المشاهد حولهم بأنها تحول الخصم إلى عدوٍ ممتلئ بالقهر وبالقدرة على الجريمة ، بل أخذوا يعملون على صناعة الفوز للجميع، إنها سياسة فوز المنهج وتحقيق الرسالة ، في تلك اللحظة لافرق فيمن يجلس على سدة الحكم ، لأنهم جميعاً سيعملون وفق الرسالة التي تخدم تونس والأمة على حدٍّ سواء .إدارة الاختلاف وثقافة العمل والتعبير بالقيم وتنمية الإنسان هي الشعارات التي يراهن عليها التوانسة لصنع تجربتهم القادمة، وهي الشعارات التي يرى أصحاب التجربة أنّها تقع في عمق فهمهم للإسلام كمنهج للحياة ، منهج للسلام والتطور ، والنهضة الشاملة .عندما تستيقظ الشعوب لن يستطيع أحد ان يوقفها ، سيحاولون .. سيخيفهم تقدمك .. سغيرون أساليبهم كلياً في كل مرّة .. ولكن ثباتك سيجعلهم يتلقون الضربات فوق بعضها ، عندها سيضطرون لإعلان هزيمتهم، وستعود أنت قوياٌ كما كنت . لتقول باسماً .. إنها تونس