محمد ضياء أرمنازي
تركوا بيوتهم الدافئة في هذا الشتاء القاسي، تركوا ذكرياتهم ولم يودِّعوها، توجهوا بعيداً إلى خارج الحصار الذي شهدت عليه جميع وسائل الإعلام.
حينها بدأت نكبة سقوط مدينة حلب، وبدأت معاناة التغريبة الحلبية، ورحلة البحث عن المأوى.
يقول أبو أحمد أحد المهًّجرين من حلب الشرقية: “أقيم اليوم عند أحد أصدقائي في مدينة إدلب، وأبحث عن بيت أسكنه مع عائلتي، لكن إلى اليوم لم أعثر على بيت، يوجد بيوت للآجار لكن لا أستطيع دفع الإيجار.”
ويقول أبو مجد أيضاً: “منذ عشرة أيام إلى اليوم أبحث عن مأوى ولا أجد، أين المسؤولون؟ أين الداعمون؟ وأين المؤسسات الخيرية؟ 90% من العمارات فارغة في مدينة إدلب، ونحن نتنقل من بيت قريب إلى بيت صديق في هذا الشتاء القاسي.”
هكذا تكلم بعض الذين قامت صحيفة حبر بلقائهم.
توجهنا بعد هذه المقابلات إلى مديرية الإغاثة لسؤالهم عمًّا ستقدمه المديرية لمثل هذه الحلات الكثيرة.
يقول أبو مفيد مدير قسم البيانات في مديرية الإغاثة: “نحن نعمل كمجموعة تنسيق بين المنظمات والجمعيات الخيرية والداعمين والوافدين من مدينة حلب أو أي منطقة ساخنة أخرى.
أمَّا عن كيفية التسجيل يقوم الوافد بالتسجيل في مديرية الإغاثة من خلال المراكز التابعة لها في الأحياء، ثم تأتي الأسماء إلينا، عندها نقوم برفع الأسماء إلى المنظمة أو الداعم وفق شروط المنظمة.
لكن هناك بعض المنظمات التي قدمت بعض البيوت المستأجرة لبعض المهجرين.”
وقد توجهنا أيضاً إلى إحدى المنظمات الخيرية، والتقينا
مع بدر حميدان مدير برنامج إغاثة في منظمة راكين: “قدمت المنظمة 15 بيتا للمهجرين من مدينة حلب لمدة 6 أشهر، وقمنا بفرشها بعوازل وسجاد وتأمين تدفئتها، وتمَّ اختيار الأسر بعد التقييم الذي أجريناه، وبعد ترشيح الأسماء من قبل مديرية الإغاثة، عدد المهجرين كبير، لكننا نعمل على تامين بعض البيوت كما فعلنا سابقاً مع المهجرين من قدسيا والهامة، أمَّا بالنسبة إلى تأهيل بعض البيوت الفارغة، كانت تكلفتها كبيرة، وفضلنا الاستئجار على تأهيل البيوت التي عرضها أصحابها علينا بسبب التكلفة المرتفعة”.
لكن بقيت المشكلة قائمة ولم تحل بهذا العدد البسيط المقدم من البيوت أمام هذا العدد الكبير من المهجرين.
قمنا بزيارة المهندس محمد الأحمد مدير إدارة إدلب الذي قال: “يجب علينا معرفة المشكلة ومدى حجمها، وبعدها يمكن إحصاء من يحتاج إلى بيوت من مهجري مدينة حلب أو ريف دمشق، وسوف نقوم بتصنيف هذه العوائل من حيث العدد والحالة الاجتماعية لكل عائلة، ثم يتضح عندنا حجم البيوت التي سوف نحتاجها.
الجهة التي يقع على عاتقها العمل على حلِّ مثل هذه المشكلة هي الفعاليات المدنية العاملة في إدلب، كإدارة إدلب، والدعوة والأوقاف، ومجلس شورى مدينة إدلب، وممكن أن تتظافر الجهود بين هذه الجهات لإيجاد حلول لمثل هذا المشكلة.
نحن كإدارة إدلب يقع على عاتقنا إحصاء عدد البيوت الفارغة في مدينة إدلب، وإحصاء عدد العوائل المهجرة التي تحتاج إلى البيوت.
هناك بيوت حق عام ممكن الاستفادة منها، كأبنية السكن لكنَّها قليلة ولا تفي بالغرض، وهناك أيضاً بعض البيوت التي تضع بعض الفصائل يدها عليها ومن الممكن الاستفادة من الفارغة منها بعد التواصل مع تلك الفصائل لكي يتمكن المهجَّر من سكنها ولو بشكل مبدئي.
معظم البيوت الجاهزة للسكن تعود ملكيتها إلى أملاك خاصة ولا نستطيع التصرف بها، هنا يأتي دور الأوقاف بتنبيه الخطباء في المساجد الذين بدورهم يحضون مالكي هذه البيوت على إسكان إخوانهم المهجرين فيها وإيوائهم دون أجر مادي”.
أعتقد أنَّ الحل سوف يأتي من خلال تظافر جميع الجهود بين جميع الفعاليات والمؤسسات والمنظمات الخيرية العاملة في مدينة إدلب، من خلال جرد جميع البيوت الفارغة، وتأهيل الصالح منها للسكن، وتقديمها للمستحقين من المهجَّرين، وحلِّ هذه المشكلة.