هناك حيث لايفهم الناس معنى أن تموت شهيداً ، هذه اللذة التي لا يدركها إلا أبناء بلدي . لا يساومون على الشهادة ولا يرضون بأقل من النصر بديلاً عنها، وإلا فهي مطلبهم وغايتهم حتى يرضى الله .تعرفت عليه سريعاً في إحدى جولاتي في المناطق المحررة ، طلب إلي أن أصوره ، ليعلم جيش النظام أنه لن يستطيع دخول هذه المناطق وفيهم بقية حياة، فرفضت ممازحاً بأنّ جميع من أصورهم سرعان ما يستشهدون ، فصار إصراره على أن ألتقط له صورة أكبر ، وقال لي: إذن لا بدّ من ذلك، لن أتركك حتى تصورني عسى أن يتقبلني الله شهيداً ، وصورته وكلنا نضحك .لم أدرِ أنه أسرَّ صادقاً أن يكون شهيداً ، فصدقه الله وتقبله ، يومين فقط كان الحدّ الفاصل بين صورة هذا الشاب ذو الشعر الأشقر الذي يعمل مع جيش المجاهدين و لا أعرف حتى اسمه ، وبين استشهاده على ثغور مدينته مدافعاً عن دينه وكرامة أهله وعزة تراب وطنه . يومين فقط كانت الحكاية كلها .