عبد الملك قرة محمد
يشير مفهوم الإسلاموفوبيا في السيكولوجيا إلى الخوف الملازم لصاحبه، لكنّ الفوبيا(الخوف) تتجاوز مفهومها في مصطلح الإسلاموفوبيا، لتغدو عبارةً عن صورةٍ ترسمها أجهزة الإعلام لاسيما الإعلام الغربي، بهدف التوظيف السياسي وإثارة الطائفيّة والتفرقة بين الأقليّة المسلمة وسكان البلد الغربي.
لم تكن آثار الإسلاموفوبيا واضحةً في السابق، لكنَّها تبلورت بمفهومها الواضح خلال السنوات الأخيرة مع انطلاق ثورات الربيع العربي وميل الحكام العرب إلى إلباس الثورات المشتعلة زيّ التطرف أمام المجتمعات الغربيّة، ليتسنّى للحكام القضاء على الثورات بحجّة جاهزة وهي القضاء على الإرهاب.
في العام الماضي وثّقت الوسائل الإعلامية العربية عدة مواقف انتشرت في المجتمعات الغربية تحت مسمى ظواهر ونتائج الإسلاموفوبيا إليك بعضها:
في أمريكا تمَّ طرد عائلة مسلمة من إحدى الطائرات الأمريكيةأتتتتي التابعة لشركة يونايتد إيرلند لدواعي السلامة، كما سمع معظمنا بقصّة المعلمة التي وصفت الطالب المسلم وليد أبو شعبان بالإرهابي أمام زملائه، وأخيراً دعوة الرئيس الأمريكي المنتخب حديثاً إلى إجراء اختبار عقائدي للمسلمين المهاجرين، ناهيك عمَّا حفل به برنامجه الانتخابي ضد المسلمين والدول المسلمة.
لم يكن الإعلام السوري – وهو أحد أهم أدوات النظام التي يستخدمها لتمرير مخططاته – بمعزلٍ عن هذه التغيّرات، فمنذ انطلاق الثورة دأب الإعلام السوري على إظهار الثورة أنَّها ثورةٌ طائفية تديرها الأكثريّة السنيّة ضد الأقليات، فكانت مادةً دسمة على شاشاته، وتصدّرت برامجه، حتى المسلسلات التي بثّها التلفزيون السوري دار بعضها حول هذا المحور، فقد أعاد النظام إنتاج أجزاءٍ جديدة من المسلسلات السوريّة المشهورة عربياً بغية خدمة مشروعه مركّزاً على إظهار الشعائر الإسلامية بصورة مغايرة عن طبيعتها بهدف إثارة الشعور الغربي ضد الثورة السورية، وأوضح مثالٍ على ذلك المسلسل الشعبي باب الحارة الذي انقطع فترة سنتين، ثمَّ عاد بصورةٍ جديدة في أجزائه الأخيرة ممجّداً الديانة اليهودية والمسيحية بصورة واضحة أثارت استغراب الشارع العربي، كما صور صورة المجتمع الإسلامي بصورة سوداوية لا تمتّ للواقع بصلة.
ومن خلال زرع مفهوم الإسلاموفوبيا (السنية) داخل المجتمع السوري، استطاع النظام جذب الأقليات للوقوف معه، وخير دليل على ذلك تحالفاته الأخيرة مع الشرائح الأخرى من شيعة وغيرهم.
كما ركّز الإعلام السوري في نشراته الإخباريّة على تصوير الفصائل أنَّها عبارة عن خلايا تابعة لتنظيم الدولة، بهدف الحصول على تأييد الحكومات الغربية للاستمرار بقتل الشعب السوري، لذلك فإنَّ للإعلام السوري دورٌ كبيرٌ في ترسيخ مفهوم الإسلاموفوبيا، وبإمكاننا القول: إنَّ الإعلام السوري يعدُّ العامل الأبرز في إدخال هذا المفهوم الخاطئ إلى الدول الغربية بعد أن كان انتشاره مقتصراً على الدول الغربية ذات الأقليات المسلمة.
بالعودة إلى المفهوم الاصطلاحي للإسلاموفوبيا سنجد أنَّه يناقض نفسه بنفسه ويعارض أفكار علم النفس، كيف يكون الإسلام في كتب أشهر علماء النفس ديناً للسلام بشعائره وقيمه ومجتمعه، ثم يصفونه بالفوبيا؟!
وإن حلَّلنا القيم التي وضعها أفلاطون في عالمه الخيالي، وحلم بالوصول إليها لوجدناها ذات القيم المنتشرة في المجتمع الإسلامي، فيكون هذا المفهوم قد جمع بطريقة أو بأخرى بين متناقضين ( الإسلام و الفوبيا) لذلك نجد أنَّ هذا المفهوم هو مفهومٌ سياسي تماماً، خلقته الأنظمة الغربيّة، وساعدت على انتشاره الأنظمة العربية الديكتاتوريّة، وما يجب علينا فقط هو نشر التوعية للتغلب عليه، ولا يتم ذلك إلا من خلال تناوله إعلامياً، وتطبيق الأحكام والقيم الإسلاميّة داخل المجتمع التي تفوق بإنسانيتها قيم الغرب والشرق.
1 تعليق
محمد البدوي
ذكرتني بمقولة: “الدين أفيون الشـــــعوب” لماركس