باسل عبود
بعد قرابة الشهر تكون الثورة السورية قد أتمَّت عامها السادس، لا حسم عسكري على الأرض، ولا حل سياسي يلوح بالأفق، كما أنَّه لا يوجد بيت في سورية لم يتضرر خلال هذا الوقت.
استطاع النظام بعد هذه السنوات إيصال فكرة إلى شريحة كبيرة من السوريين بأن لا فائدة مرجوة من الثورة؛ فالوضع الاقتصادي والخدمي تدهور إلى الحضيض، مدن وبلدات عدة دمِّرت وفرِّغت من أهلها، مئات آلاف القتلى في عموم البلاد، ملايين المهجرين داخلياً وخارجيا، كما استطاع النظام أيضا إعادة السيطرة على مدن البلاد الكبرى كدمشق وحمص وحلب.
هذا كله نصف الكأس الفارغ الذي نجح النظام وداعموه إلى حدٍّ كبير بصرف أنظار الناس إليه، ولكن ماذا عن الجانب الآخر؟
صحيح أنَّ الوضع الميداني ليس كما في السابق، لكن الثورة تثبت بشكل يومي عدم قابليتها للانكسار رغم فارق القوة الشاسع بين الثوار وحلفاء النظام، وممَّا يحسب للثوار على الصعيد العسكري فقط التصدي لقوات الجيش النظامي التي تقدر بـ400 ألف جندي، وحوالي 120 ألف رجل أمن، إضافة إلى مجموعات اللجان الشعبية “الشبيحة”، حيث تمكّن الثوار من كسر هؤلاء جميعا خلال أول عامين، ما اضطر النظام إلى الاستعانة بحزب الله اللبناني، ثم المليشيات الطائفية من باكستان والعراق وأفغانستان، ثم قوات الحرس الثوري الإيراني، وأخيراً جاء التدخل الروسي جواً وبراً بعد عجز كلِّ أولئك مجتمعين على كسر إرادة الثوار والحسم العسكري.
حتى روسيا التي تصنف كدولة عظمى لم تكن تتوقع أن تستغرق مهمتها في سورية أكثر من بضعة أشهر لتجد نفسها بعد عام ونصف بلا نتائج تذكر على الأرض.
وهنا تجدر الإشارة إلى أنَّه لم يبق أحد من حلفاء النظام لم يستخدم عبارة لولا تدخلنا لسقطت دمشق خلال أسابيع بيد الإرهابيين من حسن نصر الله وقاسم سليماني إلى سيرغي لا فروف، فعن أي نصر يتحدَّث النظام؟ وعن أي بطولات لجيشه يطبل؟
إن كانت فصائل الثورة المتشرذمة على قلة عتادها ودعمها فعلت الأفاعيل، فلكم أن تتخيلوا ماذا سيحصل إن توحَّدت في كيان واحد، ونظمت صفوفها أكثر!
إنَّ قدرنا نحن كسوريين أن ندفع ضريبة باهظة لنيل حريتنا؛ وذلك لعدة أسباب أهمها الموقع الجغرافي المهم، وقرب الكيان الصهيوني على حدودنا، لكن الحقيقة التي ستثبتها الأيام هي أنَّ الثورة ستنتصر طال الزمن أم قصر، ولا مكان للحلول الرمادية ولأنصاف الثورات.