يوسف القرشي
انفجرت الثورة كبركان لا يقف أمامه شيء، انفجرت لتصل حممها إلى الأمم المتحدة وتشهد من خلال وضوحها على نفاق المجتمع الدولي، تلك اللاإنسانية الأممية لم تعد مختبئة خلف شعارات أو عناوين، وتلك الدموع التي عجزت التماسيح أن تذرف على منوال رقتها لم تعد تخدع مغفلا؛ ومع ذلك كان هناك جنيف4!
اختتم مؤتمر جنيف1 بتاريخ 01/07/2012 والمدعوم من قبل الأمم المتحدة دون أن يقدم أياً من الوعود الزائفة التي بدأ بها، الحكومة الانتقالية التي كان متوقعاً أن يتمخض عنها المؤتمر قضت حتى قبل أن تلقح مأساة الشعب السوري وجدان المجتمع الدولي.
شدد بان كي مون وقتها على حلِّ الأزمة بطريقة سياسية وعبر الحوار والمفاوضات، وكأنَّ الأخ قد وفد من غير كوكب ويظنُّ أنَّ اليوتوبيا قد وصلت إلى الأرض حينها!
في حين أكد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بخصوص بيع الروس السلاح لسوريا بقوله: ” من الصعب استخدام الأسلحة الروسية لقمع المعارضة المسلحة أو المواطنين السالمين ” بصدق، شكراً على هذه النية الطيبة أيتها الحكومة الروسية؛ وبالفعل أسلحتكم الوديعة لم تستخدم سوى كألعاب نارية للترفيه وتسلية هذا الشعب البطر!
أمَّا صحيفة (كيهان العربي) الإيرانية علقت على جنيف1 قائلة: ” إنَّ الأزمة السورية اليوم تتطلب أكثر من أي وقت مضى إلى تغيير لغة استخدام القوة في حلها والعودة إلى الحوار المباشر بين جميع الأطراف السورية غير تلك التي (باعت نفسها للأجانب وتلطخت أيديها بدماء الشعب السوري البريء) ” ما أجمل الشفافية والله!
ترك القوة واللجوء إلى الحوار، فعلاً إنَّ العقلية الإيرانية عقلية حكيمة، لكن آخر ما ورد في الاقتباس عن الصحيفة لن يسر النظام السوري الذي جعل من كرامته مطية للروس والإيرانيين!
انقضى جنيف1 وأعقبه جنيف2 الذي عقد في كانون الثاني من عام 2014، لم ترجع الثورة منه غير باعتذار لفشل المؤتمر واستمرار نزيف الدم من الأخضر الإبراهيمي المبعوث الأممي إلى سوريا آنذاك.
وقبل أيام من انعقاد جنيف2 قال وزير المصالحة الوطنية السوري علي حيدر: ” لا تتوقعوا شيئاً من جنيف، فلن يحل جنيف2 أو جنيف3 أو 4 الأزمة السورية، الحل بدأ وسيستمر عبر الانتصار العسكري للدولة ” الرجل كان شفافاً وواضحاً للغاية، ومع ذلك لم يكترث أحد بتصريحاته، بل عقد 2 و3 وها هو 4 لا يزال قيد التهريج!
جاء جنيف3 وولى دون جديد كما عادة الكذابين، وكانت مسألة مصير الأسد هي العقبة الأساسية في وجه المفاوضات فيه! كما العسكر هم ساسة الأسد؛ لا سورية بغير أسد، أولئك أهل الباطل اتحدوا، فلِمَ أهل الحق مختلفين متناحرين متباعدين!
تضوج اليوم وسائل الإعلام بـ جنيف4 وتموج، وأنا أسأل: هل يملك هذا المؤتمر بعذوبة ناعقي مادحيه أن يكفكف دمعة طفلة قضى أبوها تحت قصف همجي من النظام ومتبوعيه؟ إن كان يملك فأنا أول الداعمين لهذا المؤتمر وشيعته.
لم ولن تؤتي الثورة أكلها بغير سواعد أبنائها، لن تقوم للحالمين بإنسانية دولتهم قائمة ما لم تجتمع العيدان في وجه من يريد كسرها، أين الحناجر الطيبة لتنادي بأعلى صوتها: ” نريد مؤتمراً صادقاً لتوحيد المجاهدين”.
ذاك الطريق لا يحتاج بعد إلى إيضاح؛ فمن له من رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه!