رفاه العياش
هو أن تعقد قِرانك على وطنٍ مختصره هي، بمهرٍ معجّله ومؤخره أن تشاركها حداد قلبها عليه.
وأن تعرف معنى ابتسامةٍ شقّت طريقها إليك من بين جنائز الأحلام والشهداء،
أن تعذرها إن لمحتَ دموعها تسيلُ گأنهار لؤلؤٍ من عينيها دون أن تسألها عن السبب، ففي سؤالكَ خنجرٌ من العجب.
أن تبرر لها اختناقها شوقاً لبقعةِ أرضٍ هناك مازالت ذكراها تتركُ ندوباً على وجهها كلما لفحتها رياح الحنين.
أن تضع كفّيك تحت قلبها النازف بصمت، لتجمع قطرات الدماء، ولْتخبّئها تحت وسادتك، فتكتب لكَ بها حين يجفّ مدادها.
أن تروي لها قصصاً گالأطفال لتضحكها فتُنسيها البكاء وتنسيا معاً لون الحزن الذي غطى زرقة السماء.
أن تطلق سراحها وتفتح لها باب قفصك؛ لأنَّها ابنة الحرية لتطير حولك وتغرّد لك ومعك على إيقاع نبضك.
أن تحمل معها ما يُثقل روحها التي تخبّئ في حناياها حطام حمص وركام حلب وبقايا وطن، لتلمح قاسيون يطل من شُرفة عينيها، وشمس المدائن المتعبة تطلع من جبينها، وساعة حمص تنتظم من نبضاتها المتراقصة شوقاً لها…
فترى كيف يُزهر الياسَمين تحت مساماتها، وتمسك بيدها لتشعر كيف يتسرّب العاصي من بين أنامل يدها اليمنى، ويتدفّق من اليسرى بردى، وعلى كتفيها يغفو الفرات…
فتاةٌ ضم قلبها وطناً بأكمله لن يُعجزه أن يضمك، فانصب لها خيمةً بين حدود ذراعيك، واقبل لجوءَها العاطفي إلى مملكتك، وسكّنها في قلبك، ولا تكسرها، لأنَّها جيشك
بل جُرّها إلى فرحك المُشتهى، فما هي إلا وطنكَ …