المحامية: سماح حرح
الرواية تتحدث عن حكم المستبدين وتحكمهم في الشعوب كأنَّهم آلهة أو في أحسن الأحوال سلطتهم من سلطة الإله
وتتحدث عن كيفية تحكم السلطة في الشعب فردا فردا، فلو استطاعت لدخلت في تلافيف مخه لتتحكم بما يفكر، واستخدام وسائل الإعلام للسيطرة على الشعوب والكذب عليهم لتشويه الحقائق ومحوها من ذاكرة الشعب واستبدالها بكذب يتحول إلى حقيقة مع مرور الأيام.
(نستون) موظف وزارة الحقيقة، جريمته أنَّه عارض الحكم بفكره خفية، وأصبح له دفتر يدون أفكاره فيه بينه وبين نفسه في زاوية خفية، بدأ يفكر أنَّ ما يحدث في وزارة الحقيقة كله كذب وخداع للشعب ومحو للحقائق، ثمَّ شارك في ذلك محبوبته (جوليا) موظفة في وزارة الإثارة التي اعترفت له أنَّها تحبه، والحب نفسه جريمة، استدرجا ليقعا ضحية جريمة الفكر في الأقبية المخابراتية لوزارة الحب، حيث ذاقا أقسى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي حتى يستقيم فكرهما كما وصف معذبهما (أوبراين)!
التعذيب يكون على مراحل، يتوعدون بإعدامك برصاصة لن تشعر بها لا بتوقيتها ولا بمكانها.
العذاب داخل الغرفة ١٠١ هو نهاية العذاب الذي فيه تعلن استسلامك، حيث تمنى أحدهم لو جاؤوا بأطفاله واحدا واحدا وذبحوا أمامه، لكان أفضل من أن يدخل الغرفة ١٠١ هناك خان المحبوب محبوبته (جوليا) وبهذا جردوه من أقل شيء ممكن أن يتمسك به، فأصبح إنسانا أجوفا، وبذلك تمت استقامته، وخرج من المعتقل ليعيش ما تبقى له وهو شبه إنسان، نفَّذ كل ما طُلب منه حتى أقر وهو بكامل قناعته أنَّ ٢+٢= 5 إلا طلبا واحدا استعصى عليه أن يحب الأخ الكبير.
التقى (ونستون) محبوبته (جوليا) وبعد أن أصبح كل منهما إنسانا أجوفا، بعد أن شوه الأوغاد وجه محبوبته الناعم الرقيق بخط طولي غطته بشعرها الأسود الناعم، لكن ذلك لم يأبه به، لكن ما افتقده فيها أنَّها جُردت من مشاعرها، فلم يعود كلٌّ منهما يشعر بالحب، لقد تمَّ قتل الحب في تلك الأقبية، واعترفت هي بخيانته تحت التعذيب كما هو اعترف بذلك.
افترق المحبوبان بعد أن جُردا من إنسانيتهما تماماً.
في نهاية المطاف أعلن فوز الأخ الكبير ضد أحد أعداء الأمة، بذلك فرح الشعب كله بهذا الانتصار حتى (وينستون) فانهمرت دموعه على خديه، حتى آخر ما تمسك به وهو كره الأخ الكبير جُرد منه.
في رحلتي مع هذه الرواية كنت أسقط ما فيها على واقعنا في سوريا، كيف أنَّ المرء يعلم أنَّ المخابرات تترصده في مكان ما، تتجسس على اتصالاته، تتنظر تلك اللحظة التي تفسد فيها كرهه للقائد، والكره يعد بذاته جريمة يعاقب عليها، وتكون روحه ثمنا لها.
إنَّهم يتفننون في تخويف الشعوب، حتى بإمكانهم تصديق كلّ الكذب الذي يتلى عليهم في الإعلام، يهللون له ويصدقونه، حتى النصر الكاذب الذي بدأ يجعل البعض يحبُّ أخانا الكبير القائد الأعلى.
كلُّ ما في تلك الرواية كان له إسقاط على واقعنا السوري، إلا نقطة أعتقد أنَّنا تفوقنا بها على أبطال روايتنا، أنَّ حبَّ (وينستون وجوليا) لم يكن حبا حقيقيا، كان مجرد حبٍّ جسدي غريزي، وليس حبا قلبيا عفيفا طاهرا، فعند إسقاطي عذاب (وينستون) على واقعنا السوري تذكرت ذاك الشاب السوري الذي عندما توعده شبيحة النظام بزوجته أبى أن يقول شيئا، وقال لهم بلهجتنا السورية: هي مرتي تاج راسي.
هنا الحب لم ينكسر، المحبون تقطعت أجسادهم ولم يخرج حرفا عن زوجاتهم وأولادهم، ماتوا وفاءً وإخلاصاً، هؤلاء من تحكى عنهم الحكايا والروايات، الحب النقي الصافي يتلخص بجملة (هي زوجتي وتاج رأسي) ذلك هو الحب الذي تبذل له الأرواح!
رابط تحميل الرواية
https://ia600406.us.archive.org/1/items/BooksSea.com1984/Books-sea.com_1984.pdf