ميرنا الحسن
أليس غريبا في اليوم الذي باتت فيه مدينة إدلب محررة بشكل كامل من قوات نظام الأسد في 28 مارس 2015 أن تظهر مسودة تقتضي بهدنة في الفوعة وكفريا بريف إدلب، والزبداني ومضايا في ريف دمشق، ويتم الاتفاق مبدئيًا على وقف إطلاق النار تمهيدًا لهدنة مطولة ممكن أن تستمر 9 أشهر اعتبارًا من بداية شهر أبريل؟.
خبر لمجرد ترويجه من قبل وسائل إعلامية، قابلته ردود أفعال متناقضة من قبل سكان المناطق الخارجة عن سيطرة نظام الأسد في محافظة إدلب، فبعضهم يؤيده نتيجة التعب الذي أصابهم آملين بالتزام النظام بالبنود المدرجة، وآخرون لا يرون فيه أي خير أو فائدة لعدم ثقتهم بالنظام ومواليه الذين خانوا المواثيق بكل الهدن المعلنة مسبقًا (ومن جرب مجرب عقله مخرب) على حدِّ قول أحدهم.
فنظام الأسد الذي عمد على مدار سنتين عقب تحرير مدينة إدلب إلى تهجير سكان العديد من مناطق ريف دمشق وأحياء حلب الشرقية، وآخرها أهالي حي الوعر الحمصي، لا شكَّ أنَّه غير مرتاح أبدًا من بقاء إدلب أو (سوريا المصغرة) محررة يُظهرُ فيها أبناء سوريا من شتى المدن أفضل صور الاندماج الاجتماعي غير مبالين لقصفه ومجازره التي يرتكبها بسلاحه الجوي مع حلفائه يوميًا.
فإصرارهم على الحياة مجتمعين متحدين ظروف الحرب زاده إقدامًا على الثأر، ويبدو أنَّه من خلال الاتفاق المذكور أعلاه كما يقول البعض يسعى إلى فصل أعضاء الجسم الواحد عن بعضها، ومن ثمَّ عزل أو مسح إدلب عن بقية المحافظات السورية المجاورة، وهذا ما سيبقى يحلم به طالما أنَّه يوجد أناس رفعوا أصابع النصر وغردوا بعبارات الفرح أثناء انتصار الثوار بمعركة إدلب والطيران لا يغادر أجواءهم ويقصف عشوائيًا كلَّ بقعة من مدينتهم، وفي كل مرة يرفع للسماء أرواحًا ذنبها الوحيد أنَّها طلبت الحرية!.
حاول النظام بشتى الوسائل قطع أوصال الحياة عن سكان محافظة إدلب سواء من الناحية الخدمية أو الاجتماعية أو التربوية أو الاقتصادية، إلا أنَّه في كلِّ مرة يجد سكانها أساليب بديلة غير آبهين لأفعاله الشنيعة، ساكبين فوق رؤوس مواليه نارًا تحرقهم غيظًا وغضبًا، تأجج كرههم أكثر من ذي قبل، فجبروتهم الذي أبدوه لا يمكن لقاطني مناطق سيطرة النظام أن يتحملوا أيًّا منه.
إنَّ إدلب بعد أن أصبحت أكبر خزان بشري وعسكري للثوار والمعارضين لنظام الأسد الذين يعملون على إسقاطه مع كافة رموزه المشؤومة دون كلل أو ملل، أضحت هدفًا مباشرًا للنظام وحلفائه المتشدقين بالحريات في العالم، متناسين حقَّ الشعب السوري بنيل حقوقه المشروعة قبل أن ينسفوها عن بكرة أبيها.
شعبٌ جبارٌ ظنَّت الأطراف الدولية أنَّها رسمت نهايته، وأوشكت على انتهائها من مخططها القذر، لكنَّها لم تدرك أنَّنا دائمًا نعلنها صرخة من البداية مطالبين بالحرية والعدالة، فنحن ثوار وأصحاب قضية، ولن يثنينا كل ذلك الدمار والقتل عن متابعة طريقنا الذي سلكناه مادمنا أحياء.