سعود الأحمد
اعتماداً على المقاتلين الأجانب من الشيعة العرب وغيرهم من لبنان والعراق وأفغانستان، تعمل إيران على إنجاز خطتها الإقليمية، وتقوم بإسناد الدور الأكبر إلى مقاتلي حزب الله في سورية وجيش الحشد الشعبي في العراق، وكلا القوتين تابعتان للحرس الثوري الإيراني، ويمكننا القول: إنَّ إيران أعدَّت جيشا يقوم على أساس طائفي من أجل السيطرة الإيرانية وتحقيق مكاسب في حربها الإقليمية.
وتستند إيران إلى ذلك الجيش من أجل تطبيق مشروع (سورية المفيدة) التي تسعى إلى تقسيم سورية وإجراء عمليات تغيير ديموغرافي، وإنشاء ممرٍّ يمتد من الساحل السوري عبر ضواحي دمشق وحمص والقلمون وصولا إلى الحدود اللبنانية ويمرُّ كذلك من حمص إلى العراق مرورا بمدينتي حلب ودير الزور، وبهذا الممر ترتبط سورية بالعراق ويتمُّ فتح طريق يصل إيران بالمياه الدافئة في المتوسط.
تكمن أهمية هذا الخط كونه سيربط إيران بلبنان معقل حزب الله، وسيوفر الكثير من الجهد والوقت في نقل الأسلحة والمقاتلين، إلا أنَّ الأهم من ذلك هو تثبيت أقدام إيران في بلاد الشام وإعطاؤها قوة سياسية وعسكرية جديدة.
وتعمل إيران على هذا المشروع، وتبذل له ميزانية كبيرة، وتستمر به على الرغم من التدخل الروسي ذلك أنَّ روسيا لن تلتفت إلى أعمال إيران ما دامت مشاركة في العمليات القتالية على الأرض بقوة، ولا تتدخل أو تعارض الأعمال الروسية في سورية. ومن جهة أخرى فإنَّ إيران تعمل حذرة وتبحث عن الرضا الروسي وتريد عدم إغضابه، فهي بحاجة إلى روسيا بعد وضوح عداء إدارة الرئيس دونالد ترامب لها وعدم رضاه عن الاتفاق النووي الذي انتقده طويلا.
ولأنَّ إيران تعلم أنَّ ممرَّ سورية المفيدة لن يكون آمنا ألبتة إلا إذا كان خاليا من التهديدات المتمثلة بوجود السنة، تعمل على إخلائهم منه وتأمينه بيد الميليشيات الطائفية، وتقوم خلال كلِّ اتفاقية يقوم بها النظام السوري مع الثوار بإخلاء المناطق المنتزعة من أجل إخلاء السنة وتهجيرهم إلى الشمال السوري لتتفرد بالمنطقة.
ولقد قام حزب الله بعمليات التهجير الطائفي منفردا في بعض المناطق المتصلة بالحدود اللبنانية، وقد تمَّ تهجير مئات الآلاف من مدينة حمص بعد التوصل إلى اتفاق الإجلاء من بعض أحياء المدينة المحاصرة، وقد تحدثت تقارير عن تغييرات في التركيبة السكانية قام بها نظام الأسد، إذ استقدم عائلات عراقية إلى سورية، كما قامت قوات عسكرية عراقية شيعية على توطين مئات العائلات في تلك المنازل التي تركها أهلها مرغمين.
إلا أنَّ هناك جملة من التحديات التي تواجه الممرَّ وتقف حجرً عثرة أمامه، وهو أنَّه لا شكَّ سيكون عرضةً لهجوم مجموعات متنوعة من السنة الرافضين له والرافضين للهيمنة الإيرانية على المنطقة، وسيكون هناك قلقُ دائمُ حياله ما لم يحظ َباعتراف القوى الإقليمية الفاعلة، وهذا صعب الحدوث إن لم تتوصل الأطراف المتقاتلة في سورية إلى حلٍّ سياسيٍّ حقيقيٍّ.