ترجمة: ضرار الخضر
كشف بالأمس دبلوماسي أمريكي رفيع أن النظام السوري أحرق جثث “آلاف” السجناء في محرقة للجثث في أسوء سجونه سمعة في محاولة منه لإخفاء حجم القتل.
وقال ستيوارت جونز مساعد السكرتير المساعد لمكتب وزارة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى للصحفيين: “إن جثث المعتقلين تم حرقها بالقرب من سجن صيدنايا خارج العاصمة دمشق من أجل تخفيف أعداد المعتقلين وتدمير الأدلة”.
وأضاف جونز: “نعتقد أن بناء المحرقة ما هو إلا محاولة للتغطية على مدى الجرائم الجماعية التي تُرتكبُ بحق السجناء في صيدنايا”.
وأصدر مكتب وزارة الخارجية صوراً فوتوغرافية جديدة صُنِّفت حديثاً حيث تظهر بيتاً خارج مجمع السجن وتم إعادة بنائه سنة 2013 ليصبح محرقة للجثث.
وقال السيد جونز مستشهداً بصور الأقمار الصناعية: “إن حكومة بشار الأسد هبطت إلى درك جديد من السفالة” بدعم روسيا وإيران، وقدّر عدد الذين اعتقلوا في سجون النظام السوري بـ 117000 منذ اندلاع الثورة ضد الرئيس سنة 2011، حيث يقبع في كل زنزانة مصممة لاستيعاب خمسة أشخاص ما يصل إلى نحو سبعين شخصاً، وقال: إن المعلومات وصلته من مجموعات لحقوق الإنسان ذات مصداقية، وليس من مصادر حكومية، بالإضافة إلى “تقييمات استخباراتية”.
وكانت منظمة العفو الدولية قد وصفت السجن في تقرير سابق لها بـ “المسلخ البشري”، ونقلت أنه ما بين عامي 2011 و2015 كانت قوات النظام تخرج أكثر من 50 أسيراً من زنزاناتهم في كل أسبوع وغالباً مرتين في الأسبوع ومن ثم تعدمهم.
وفي غضون خمس سنوات أُعدِم نحو 13000 شخصاً شنقاً دون محاكمة وأكثرهم مدنيون ويُعتَقَدُ أنهم معارضون للحكومة.
وفي عام 2014 تم نشر آلاف صور السجناء القتلى التي التقطها عسكري منشق اسمه قيصر، مما أدى إلى احتجاج دولي.
وبدت على الضحايا علامات المجاعة والتعذيب، بما فيها اقتلاع العيون واللذع بالسجائر وتكسير الأطراف.
ودعا السيد جونز في تصريح صحفي خاص لمكتب وزارة الخارجية روسيا للتصرف، فموسكو كما قال السيد جونز: “إما ساعدت نظام الأسد في جرائمه أو أنها نظرت إليها بسلبية شديدة، فالنظام ارتكب على مدى سنوات المجازر والفظائع الأخرى بما فيها قصف المشافي واستخدام السلاح الكيماوي ضد المدنيين والثوار.
وكان وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون أبلغ نظيره الروسي سيرجي لافروف في اجتماع بينهما الأسبوع الماضي في واشنطن أن: “روسيا يجب عليها الآن وبصورة عاجلة ممارسة نفوذها الكبير على النظام السوري”.
وعلى الأرجح فقد تم اختيار توقيت هذا الإيجاز الصحفي كنوع من الضغط على روسيا في بداية الجولة الجديدة من محادثات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة في جنيف.
وتُبذَل الجهود لإنهاء الحرب على مسارين متنافسين: الأول هو مسار العملية السياسية التي يستضيفها مقر الأمم المتحدة في سويسرا (مؤتمر جنيف)، والثاني مسار محادثات أستانة عاصمة كازاخستان بوساطة من روسيا وإيران وتركيا.
وقد تم تهميش الولايات المتحدة من محادثات أستانة، حيث تم التوصل إلى أهم الاتفاقات المنجزة خلال الحرب على مدى ست سنوات.
وقال السيد جونز إن الولايات المتحدة لديها “سبب للتشكيك” بشأن اتفاق إقامة “مناطق خفض التصعيد” بوساطة من روسيا الأسبوع الماضي.
وفي نفس الوقت، على الأرض تبدو قوات الأسد على وشك الاصطدام بالقوات الخاصة الغربية بعد تقدم هذه القوات باتجاه قاعدة لتدريب القوات الأمريكية والغربية شرق سوريا.
فالقوات الموالية للأسد باتت على بعد 15 ميلاً من معبر التنف الحدودي مع العراق؛ حيث أقامت القوات البريطانية والأمريكية الخاصة قاعدة محصنة جداً لتدريب الجماعات السورية المعارضة التي تقاتل الدولة الإسلامية في العراق والشام، ويقود القوات السورية المتقدمة مع عدد من مقاتلي حزب الله اللبناني قادة إيرانيون وتساندهم الطائرات الروسية من الجو.
فالجيش السوري قلق من تقدم الجيش السوري الحر ضد داعش، هذا التقدم الذي سمح له (الجيش الحر) استعادة مناطق من جنوب شرق دمشق وصولاً إلى الحدود مع العراق والأردن وهي مناطق كبيرة المساحة ومنخفضة الكثافة السكانية.
وفي الأيام القليلة الماضية نقلت القوات السورية الدبابات والصواريخ المضادة للطيران إلى قرب خط المواجهة الشرقي مع وحدات الجيش السوري الحر المعتدلة في تحدٍّ واضح للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والذي ينفّذ طلعات جوية ضد داعش في المنطقة.
فالمنطقة مهمة استراتيجياً للنظام السوري وحلفائه، إذ أن الاستيلاء على كامل الطريق المؤدي إلى التنف يمكن أن يعيد وصل النظام بحلفائه في العراق من الجنوب.
فقد كان الطريق السريع بين بغداد ودمشق طريق إمداد رئيسي بالأسلحة الإيرانية إلى سوريا حتى قطعته داعش عقب استيلائها على مناطق شاسعة على امتداد الحدود السورية العراقية.
كما أن الجيش السوري متحمس ليكون أول من يصل ويستولي على مدينة دير الزور التي تسيطر عليها داعش، والتي تقع شمال التنف وفيها أكبر احتياطي للنفط في سوريا.
وبعثت الولايات المتحدة رسالة واضحة مفادها أن اقتراب أي قوات من قاعدتها لن يكون مقبولاً. لكن ليس واضحاً كيف سيكون رد القوات الخاصة عند تعرضها لأي استفزاز جدّي.
المصدر: صحيفة التلغراف،الكاتبة: جوسي إنسور