عبد الملك قرة محمد
لم تعد اللوحة السورية متنوعة الألوان كما كانت في السابق، فقد أصبح الموت رسَّامها الوحيد، فتارةً تراها موتاً أسود اللون، وتاراتٍ موتاً كيماوياً أصفر اللون، فالبيئة المتوفرة لأي شاعر وفنان هي شهداء وجرحى وموت وبقايا أطلال مدمرة لا تدع أمامك خياراً سوى الهروب من الموت إلى الموت.
في خضم هذه المأساة التي يعيشها السوريون _أو بتعبير آخر ما تبقى من السوريين_ كان لابدَّ لإرادة الحياة أن تنتصر وتغدو ريشة يرسم فيها الفنان رسوما للحب بغية التخفيف من مآسٍ وهموم الحرب ومخلفاتها على الحالة النفسية والحياة الاجتماعية لأي سوري.
في ريف إدلب الذي يتصدر قائمة المناطق المستهدفة، ويكسر جميع الأرقام القياسية في عدد الشهداء، كان (لأحمد) الرسام الموهوب رأيٌ آخر أبداه في معرضه الذي أقامه في قريته، حيث ضمَّ المعرض عدداً كبيراً من الرسوم واللوحات التي أبدعها خلال سنوات عمره، فأنتجها فناً للحب والإنسان والحياة.
بدأ أحمد حياته الفنية منذ 2001 فتعلم الخطوط العربية، ثمَّ انتقل إلى تعلم الرسم والتظليل، واستطاع أن يجذب المجتمع المحيط به لرسوماته التي تميزت بابتعادها عن واقع الحرب وتنقيبها عن بقعة أمل في عالم أسدلت عليه الحرب والدمار ستاراتِ تشاؤمها.
صحيفة حبر التقت الفنان أحمد أثناء تغطيتها للمعرض الذي قال: “من خلال تقييم شخصي أدركت أنَّ الفئة العمرية الصغيرة وحتى الكبيرة تعاني ممَّا يسمى عقدة الحرب، فأينما تجولت بالشارع، بالمنزل، على التلفاز أو على وسائل التواصل الاجتماعي، لا ترى سوى حديث الحرب والقتال، وهذا من وجهة نظري له تأثير نفسي سلبي وخاصة على الفئة العمرية الصغيرة، لذلك أحاول أن أخرج المجتمع المحيط بي من جو القتل والدمار ولو لهُنيهة، وأقدم له شيئا من الغذاء الروحي وهو الفن؛ لإدخال بعض الراحة النفسية على قلوب الناس”
مبادرة أحمد الفنية لم تكن الوحيدة في ريف إدلب، بل انطلقت عدة معارض فنية ونشاطات ترفيهية قامت بها لجان ومنظمات ومؤسسات مختلفة تأكيدا منهم على ضرورة الاستمرار ونبذ اليأس والتأكيد بكلِّ صلابة وإصرار على استمرارية الحياة رغم ما يقوم به النظام من عمليات القتل والتدمير وسلب الحياة، لكن لحن الحياة مستمر …. يقول دوماً صداه: إذا الشعب يوماً أراد الحياة.