أحمد الشامي إنّ فكرة الهوية في أي مجتمع هي قضية هامة جداً فهي التي تحكم على هذا المجتمع بالوجود أو الفناء أو الانصهار ضمن مجتمعات جديدة، وبذلك يفقد هذا المجتمع وجوده الحاضر، ويقتصر وجوده على الوجود التاريخي الذي سرعان ما يختفي مع مرور الزمن .وأقصد بالهوية هنا ، الشخصية الاجتماعية الواحدة والتي تُمثل رزمة المبادئ والقيم والقوانين التي أنشأت مجتمعاً ما , وكونت أسس حضارته وبصمته في هذا العالم المتغير , ومجتمعنا العربي خاصةً ، والإسلامي عامةً لم يكن له وجود تاريخي بارز قبل الإسلام , ثمّ تكوَّن هذا المجتمع وهذه الحضارة على النهج الذي رسمته شخصية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، والذي مثّل النهج الإسلامي والشريعة الجديدة، وإن أيّ ابتعاد عن هذه المقومات الرئيسية في مجتمعنا الإسلامي سيؤدي إلى سقوط الشخصية الإسلامية الواحدة، والتي يمثلها العالم الإسلامي في مواجهة التيارات الجديدة.إنّ أي شخصية اجتماعية في هذا العالم تقوم على مثل هذه المبادئ وتسعى دائماً مع مرور الزمن إلى تطوير وتجديد هذه المقومات دون المساس بجوهرها لأنه يمثل جوهر وجود هذه الشخصية , والمنهج الإسلامي لم يغفل عن هذا الأمر فقد جاء على لسانه عليه الصلاة والسلام : ” إنّ الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة سنة من يجدد لها دينها”وإنَّ أيّ أمةٍ تخرج عن هذه المقومات نهائياً وتستبدلها بأخرى تفقد وجودها العالمي وتقع في ذلِّ التبعية . وعندها ستتوقف عن الرقي وتبدأ بأخذ التطور عن الآخرين ، وهذه المسألة هي شديدة الخطورة , لأن المجتمع حينئذِ يصبح عارياً يعيش على فضلات المجتمعات المتطورة التي تستعبده بدورها ، دون أن يشعر بذلك بل يبقى تائهاً متمزقاً، ومنتشياً بكذبة الحرية .