عمرو شامي
عندما تربط الإدارة الأمريكية عبر سياساتها الداخلية بين الإرهاب واللحية أو النقاب، فنحن على أعتاب مشكلة كبيرة، مشكلة سوف تلقي بظلالها على نظرات الدولة الأمريكية للسياسة الخارجية لبلادها، هذا الخلط بين الإرهاب والإسلام المعتدل شيء خطر، وينبغي أن يتمَّ وضع حدّ له على العلن، مع تزايد بعض الحالات التي تنذر بسوء طالع، كمنع مسلمة مثلاً من ركوب طائرة متوجهة إلى أمريكا بسبب حجابها!
هذه العمليات تجاه بعض المسلمين في أمريكا تنبئ بفساد المناخ الديمقراطي هناك، وتدلل على أنَّ مفهوم الإرهاب لدى الإدارة الأمريكية قد تؤذي تبعاته أي مسلم معتدل حول العالم يفتخر بتعاليم دينه ويطبقها.
المنطق السليم يخبرنا أنَّه وقبل البحث عن حلّ لمشكلة ما ينبغي تحديد تلك المشكلة بعمق والوقوف على تعريفها الصحيح.
الآن، وفي زيارة قام بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السعودية قبل عدة أيام، عقد مؤتمر لتحديد خطوات محاربة الإرهاب والقضاء عليه، وذلك بحضور قادة بعض الدول الإسلامية.
السؤال هو: هل تلك الخطوات ستستطيع الفصل بين المسلم المعتدل الذي يمارس شعائره الدينية بكلّ غبطة فضلاً عن الذي يدافع عن أرضه وديمقراطيته، وبين ذلك الذي جاء ليخرب ويدمر بعقليته السوداوية!
يبدو أنَّه إلى الآن لم تفقه الإدارة الأمريكية-أو لا تريد أن تفقه- أنَّ الشعائر الإسلامية الأصيلة لا تتصل بأي شكل من الأشكال بالإرهاب، وأنَّ إغماض العين عن هذه الحقيقة لن يزيد الأوضاع إلا سوءاً وتدهوراً، وأنَّه إذا ظلّت تلك المضايقات التي يتعرض لها بعض المسلمين بسبب خلفياتهم الاعتقادية تحدث فسوف تتلاشى تلك الديمقراطية التي تفتخر بها أمريكا أمام الملأ إلى الأبد، ولن يحلَّ بدلا عنها سوى التشكيك والنفور عن هذا البلد.
شعار ” الحرب على الإرهاب ” ليس شماعة تدير فيها مصالحك، وتصبغ كلّ حين فيها من تشاء بما يخدم رغباتك، إذا كنت صادقاً في دعوى حماية الأبرياء حول العالم عبر تحطيم الإرهاب فلا بدَّ عليك أن تحدد ذلك الإرهاب بدقة كي لا يدخل فيه من ليس فيه فتظلمهم، ولا يجب أن تربط ما بين شعائر إسلامية يقوم بها المسلمون عبر مئات السنين في سلام وما بين إرهابك الذي تدعو إلى محاربته، ثمَّ هذا النظام الديكتاتوري الذي يقتل شعبه ويحرق البلاد لماذا لا تذهب جهودك إلى إيقافه؟ فقط لأنَّه ليس لديه لحية ولا يضع عمامة تدل على عقيدة؟
نحن ندعو الدولة الأمريكية إلى التفريق بين من يدافع عن أرضه وحريته، وبين الإرهاب، بين من يدخل الجامع ليعبد الله وتنتشي نفسه بروح السلام، وبين من يدخلها ليدمر ويفجر، ندعوهم بصدق إلى ذلك قبل أن يرتكبوا مزيداً من الأخطاء التي لن ينساها لهم التاريخ.