سماح حرح _ السويد
هنا السويد، نصوم ما يقارب ٢٠ ساعة في شهر رمضان المبارك، حيث يكون توقيت أذان المغرب ١١ إلا ربع مساء وفق توقيت دمشق، وأذان الصباح ٣ وعشر دقائق وفق توقيت دمشق، وبعد التوكل على الله لم أعاني من الصيام في عامي الثاني في السويد، كما توقعت اعتدت على الأمر بعد مرور أسبوع، ربَّما كانت المشكلة في قلة النوم أكثر، لكن الإنسان يتكيف بعد حين.
في رمضاني الأول كنت أعمل بدوام جزئي، وفي رمضاني الثاني أنا على مقاعد الدراسة في فصل الصيف ذي النهار الطويل جدا.
هنا في السويد ولا أزكي نفسي على أحد، إنَّما أروي التجربة، والمقصد مهم.
يعدُّ صيام شهر رمضان أحد أركان الإسلام، وهو فرض على كل مسلم، لكن بدأت ألاحظ مزيدا من التهاون في ترك الصيام، هو ما دفعني لأكتب عن ذلك لعل الذكرى تنفع المؤمنين، لأنَّ المسلمين استمرؤوا الأمر وأصبح من الطبيعي أن تجد مسلما ترك الصيام، أو مسلمة محجبة لا تصوم، ودون أدنى شعور بالحياء تأكل وتشرب أمام العامة.
عندما كنت في سوريا في عام ٢٠١٤ أيضا كنت ألاحظ ظاهرة الإفطار في رمضان دون الشعور بأي خجل من ذلك، حتى أنَّ الفتاة المحجبة تمشي في الشارع وهي تمسك علبة ماء وتشرب منها دون حياء، ربَّما كان لها عذر شرعي، لكننا لم نكن نألف هكذا مشهد وخاصة لمَا يعرف عن حياء الفتيات في هذا الأمر.
حتى المطاعم في الظهيرة تعج بالمسلمين والمسلمات المحجبات في سوريا، وكذلك هنا في السويد، وعندما كنت في تركيا أيضا أصبح ترك الصيام أمرا اعتياديا، والحجة هي المشقة، لكن الصيام فيه مشقة طبيعية عند ترك الطعام والشراب، وكلما زادت المشقة زاد الأجر، إلا أن تكون المشقة فيها خطر على حياة الإنسان عندها يجوز الإفطار، غير ذلك هو مجرد استهتار بالصيام، ومن لديه صدق النية أعانه الله على الصيام.
الصيام عبادة وهو أمر بين المرء وربه، لكن هذا الأمر بات يبعث فيني الحزن وأنا أرى ترك الصيام والمجاهرة بالإفطار دون الشعور بالحياء من المسلمين والمسلمات أمرا محزنا، بات المسلم الملتزم يشعر بالوحدة في زمن المجاهرة بالمعصية، وبات ذلك أمرا يتعلق بأنا حر، أفعل ما أشاء!
ربَّما كثر الفساد بين المسلمين، لكن ذلك كله لا يعني ترك الفرائض، الله يعلم ما في القلوب، صلاح خُلق المرء لا يشفع له ترك فرائضه.
إنَّها سلسلة ترك المسلمين الصلاة، ثم خلعت المسلمات الحجاب، ثم ترك المسلمون الصيام، ثم ماذا بعد؟! نسأل الله المغفرة لنا ولهم، وعودة وتوبة نصوحة لنا ولهم، ونسأل الله الثبات في زمن الفتن، نعلم أنَّ ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون، وهنيئا لمن عاد بعد غفلة.
كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ يُكثِرُ من قوله: يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي على دينِكَ، فقلتُ: يا نبيَّ اللَّهِ آمنَّا بِكَ وبما جئتَ بِهِ فَهل تخافُ علَينا؟ قالَ: نعَم إنَّ القلوبَ بينَ إصبَعَينِ من أصابعِ اللَّهِ يقلِّبُها كيفَ شاءَ. رواه ابن مالك.