ظاهرة التسول تعتبر من أكثر الظواهر المنتشرة عالميا سواء في البلاد الغنية أو الفقيرة، غير أنَّ الدمار والتشريد الذي خلفته الحرب السورية فتحت المجال لأن تنتشر تلك الظاهرة بشكل كبير جدا.
حسب إحصاء قامت به “صحيفة حبر” فإنَّ عدد النساء المتسولات في مدينة إدلب ما يقارب 50امرأة ينتشرن في السوق والطرق العامة، وحوالي50 طفل يتجولون في شوارع المدينة باحثين عن لقمة خبز يسكتون بها جوعهم.
لن تنتهي آثار الحرب رغم توقف القصف على المدينة، إلا أنَّ الفقر الذي أنتجته عاد ليفتح جروحنا من جديد، خاصة عندما تجد امرأة تجلس وفي حضنها طفل معاق يبكي وتطلب من الناس ما تأمن لطفلها قوة يوم يعيش به يومه.
لا ننكر بأنَّ هذه الظاهرة كانت وما تزال عادةً منذ سنوات عديدة تعمل بها بعض العائلات الفقيرة، كما أنَّ هذه العادة اختفت فترة بداية الحرب في سورية، لتعود وتظهر بشكل أكبر، فاتخذ أصحابها حجة الحرب ليعودوا ويجلسوا على حافة الرصيف ويطلبوا المال مذللين أنفسهم للكبير والصغير، وإنَّ قلة فرص العمل دفعت البعض لذلك.
ألتقينا مع الأستاذ “أبي شادي” نائب مدير المكتب الإغاثة في إدلب ليجيبنا بدوره عن بعض الأسئلة.
ماهي المساعدات التي قدمت للمتسولين في مدينة إدلب؟
“منذ تحرير إدلب حتى الآن قدمنا بتقديم الدعم للعديد من عائلات المتسولين المقيمين في مدينة إدلب.
إنَّ المتسولين المقيمين في الريف لا يمكننا التحقق من المعلومات التي يقولونها، وذلك لاستخدامهم حيل عديدة عند التعريف بأنفسهم، كالاسم والحالة الاجتماعية وغيرها”.
هل كان هناك نتائج إيجابية بعد تقديم دعمكم؟
“ربما كانت النتيجة إيجابية لبعض المتسولين الذين هم بحاجة حقيقية إلى المال، لكن الذين يستخدمون التسول كمهنة لا يمكن أن يكون هناك نتيجة معهم رغم المحاولات العديدة، فنجدهم بعد فترة قصيرة بالشوارع من جديد”.
ما هو الدعم المقدم من قبلكم وبتعاونكم مع المؤسسات الأخرى للمتسولين؟
“قامت إحدى المنظمات بتخصيص دورات توعية وإرشاد، كما أننا قدمنا مساعدات مادية وذلك بتقديم سلة غذائية ومبلغ مالي لكل شخص متسول”.
هل سبق لكم وتعاونتم مع المؤسسة الأمنية للقضاء على هذه الظاهرة؟
“بعد محاولاتنا العديدة باستخدام أفضل الأساليب لكي نصل إلى حل، البعض كما ذكرت التزم واكتفى بمساعدتنا، ولكن البعض الآخر اضررنا لسجنه فترة، ولكن بعد هذه الفترة عادوا من جديد للتسول، بل زادوا أكثر ليطرقوا أبواب المدنيين ويوقفوا سيارات المارة وهم يمدون أيديهم كما كانوا”.
وختم أبو شادي حديثه قائلا “ما نزال على أمل بإلغاء تلك الظاهرة، ونحن على استعداد لأي مساعدة، لكن للناس المحتاجة فقط، ليس لأصحاب المهن”.
المنظمات العاملة في الجانب الإنساني كان لها أثر كبير في تغطية بعض الحالات للأطفال والنساء المتسولات، ودائما يسعون للعثور على حل يخفي تلك المشكلة الاجتماعية عن طريق تقديم المساعدات المادية والمعنوية.
ضمن ذلك كان لنا لقاء مع الأستاذ “رياض” مدير المكتب الإغاثي بمنظمة ركين:
ماذا قدمتم للمتسولين سواء الأطفال أو النساء؟
“بالنسبة إلى الأطفال المتسولين قمنا بدراسة بعض الحالات وقدمنا لهم المساعدات المعنوية والمادية والإغاثية لهم ولعائلاتهم، كما أننا قدمنا لهم مساعدات وتحفيز للدخول في المدارس وممارستهم حق التعليم، أما المتسولات في المدينة يصعب الوصول إلى تفاصيل عن حياتهن أو عنوانهن لعدم تعاونهن”
هل هناك خطة جديدة هدفها إلغاء ظاهرة التسول وتأمين حاجة المتسول؟
“الآن يوجد اقتراح لإقامة دورات متخصصة للحد من ظاهرة التسول، ونسعى جاهدين إلى إخفاء الظاهرة وتقديم مساعدتنا لكل الأشخاص المحتاجة مهما كانت صفتهم وبكل ما نستطيع”.
يبقى التسول منتشرا في إدلب رغم الجهد الذي بذلته المنظمات وتقديم مساعدتها لهم، إلا أنَّ حالة الحرب أشعلت تلك الظاهرة بشكل كبير، وبذلك دخلت الجهات المختصة صراعا مع الوقت للوصول إلى حل ينهي تلك الظاهرة، وتأمين حياة رغيدة يحلم بها كل إنسان بعيدة عن الذل والتشرد للنساء والأطفال وكل محتاج.