محمد ضياء الأرمنازي
أعتقد أنَّ نسبة الوفيات في جميع محافظة إدلب بسبب حوادث السير قد تتجاوز عدد الوفيات بسبب قصف الطيران الروسي، هكذا قال طبيب الإسعاف.
(في السرعة الندامة وفي التأني السلامة) صدق من قال هذا الكلام، لأنَّ معظم حوادث السير المؤلمة كانت نتيجة السرعة الزائدة، وعدم الأخذ بأسباب الأمان والحماية، ويصبح الوضع أخطر عندما يكون الحادث بسبب دراجة نارية، بسبب طبيعتها المكشوفة التي لا توفّر أي نوع من أنوع الأمان للسائق أولمن يجلس خلفه.
يقول الدكتور وائل الحسين طبيب إسعاف في مشفى المحافظة المركزي في مدينة إدلب: “لوحظ في الفترة الأخيرة مع قدوم فصل الصيف ازدياد كبير في عدد حوادث السير وبنسبة ثلاثة أضعاف ما كانت عليه في فصل الشتاء أثناء القصف الجوي، وقد وصل عدد الحالات الإسعافية التي جاءت إلى مشفى إدلب المركزي 72 حالة في يوم واحد، غالبيتها نتيجة حوادث السير وحوادث الدراجات النارية خصوصاً، حتى وصل المعدل اليومي للحوادث في مدينة إدلب 25 حالة ، منها 50% حالات جراحية و10% حالات خطرة و5% وفيات و35% رضوض متوسطة وكسور، وأغلب الحالات تتراوح أعمار أصحابها بين 14 و22 عام!!
معظم الحوادث المرورية تتسبب بها الدرجات النارية بنسبة 70% و30% حوادث سيارات، أغلب المصابين بحوادث الدرجات النارية هم السائق ومن يجلس خلفه بنسبة 85% نتيجة السقوط من على الدراجة أثناء السواقة.
طبيعة هذه الإصابات قد تكون رضوض مغلقة ورضوض في البطن وعلى الرأس، لكن النسبة الأعلى منها هي الرضوض على العظام كالكسور المفتوحة والمغلقة، والكسور الجراحية بنسبة 50%، وقد تسبب هذه الإصابات في بعض الحالات إعاقات دائمة، والنوع الثاني من الإصابات هي إصابات الرأس منها المترافقة مع إصابات عصبية خطيرة، وأحياننا قد لا يتوفر عندنا مكان في العناية من كثرتها، ممَّا يطرنا إلى تحويل الحالة إلى المشافي التركية”.
قامت صحيفة حبر الأسبوعية بإجراء تحقيق صحفي عن سبب كثرة حوادث السير في مدينة إدلب، والتقت مع معظم المسؤولين عن هذا الأمر في المدينة.
عبد القادر هرموش مدير النقل في مدينة إدلب: “هناك عدة أسباب مختلفة تؤدي إلى كثرة الحوادث، منها عدم وجود شرطة مرور كافية لمدينة إدلب، وعدم وجود قوة أمنية لتطبيق القرار الذي أعلنته منذ فترة للعمل على حجز الدراجات النارية التي يقودها الأطفال بشكل عشوائي، التي تتسبب بالنسبة الأكبر من الحوادث.
بالنسبة إلينا كمديرية نقل سوف نباشر بتصنيع اللوحات الحديدية خلال هذا الأسبوع من أجل تسجيلها بالتعاون مع مجلس المدينة للحد من ظاهرة الحوادث والسرقات، وقام مجلس المدينة حالياً بالاتفاق مع المجالس المحلية في معرة النعمان وخان شيخون وأريحا على تشكيل مديرية نقل مركزية في مدينة إدلب وريفها، ودوائر تابع لها في المنطقة المذكورة، ووضع آلية عمل متكاملة بحيث يتم تنمير جميع السيارات والآليات والدراجات النارية ومبالغ الرسوم، وسيتم تفعيل هذا المشروع خلال هذا الشهر على أرض الواقع.
شرطة المرور ليست تابعة لمديرية النقل، بل يجب أن تكون تابعة لقوة أمنية تتعاون مع مجلس المدينة أو القوة الأمنية، وإلى الآن لم تتبلور تبعية هذا الجهاز لأي جهة ولم يتم تفعيلها، لكن ممكن تشكيل شرطة مرور تابعة لمجلس المدينة، ونحن كمديرية نقل تكون علاقتنا مع شرطة المرور والتنسيق معها على ضبط المخالفات.
أمَّا بالنسبة إلى سؤالكم عن الجهة التي يقع على عاتقها إنشاء جهاز شرطة سير أعتقد أنَّها إدارة إدلب ومجلس مدينة إدلب والقوة التنفيذية”.
يقول أمير القوة الأمنية في مدينة إدلب أبو الحارث شنتوت: “نحن عندنا شرطة سير تابعة للقوة الأمنية في منطقة الساعة والسوق، وقد وصل عددهم في رمضان إلى 15 عنصر، وهم يقومون بواجبهم على أكمل وجه، لكن هذا العدد غير كافٍ، ولا يوجد عندنا رواتب لأكثر من هذا العدد.
أمَّا بالنسبة إلى القوانين فقد أصدرنا قانونا للحد من الحوادث، لكن للأسف معظم الحوادث تكون من أفراد يعملون في فصائل عسكرية، والكثير منهم لا يتقيد بهذه القوانين”.
وقد التقينا مع رئيس إدارة إدلب أ. عبيدة سحاري لكي يجيبنا على بعض الأسئلة المهمة بخصوص هذا الموضوع:
مدينة إدلب بحاجة ماسة إلى شرطة سير فعالة لضبط مخالفات السير للحد من عدد الحوادث، كيف يمكن معالجة هذه المشكلة؟
“هذا الأمر من اختصاص إدارة إدلب لا شك، لكن يثقل كاهل الإدارة كثرة المشاكل، ومنها المكتب التنفيذي أو ما يسمى مجلس المدينة، حيث إنَّ إدارة إدلب قامت بإنشائه ودعمه، ومن العقلانية أن يكون تابع لإدارة إدلب ويكون مثل أي مديرية تابعة للإدارة، لكنه للأسف نُكِّل بالاتفاقات الموقعة وصار يتصرف كأنَّه ندٌّ للإدارة، وهذا مرفوض قطعاً، ومشاكل أخرى لا يتسع المقام لذكرها، لكن رغم كل المشاكل لا بدَّ من إنشاء جهاز شرِطة، لتنظيم السير كمرحلة أولى، وسيتم ذلك بإذن الله بعد موافقة الأخوة في مجلس الشورى.
أما بالنسبة إلى مديرية النقل فيجب أن تتبع لإدارة إدلب، فتبعيتها لمجلس المدينة خاطئ، حيث إنَّ مجلس المدينة يختص بشؤون البلدية فحسب ولا يعقل أن يتجاوز مجلس المدينة حدوده وصلاحياته.”
هل يوجد قوانين صادرة من إدارة إدلب للحدِّ من حوادث السير؟
“هذا القانون لا يخرج من إدارة إدلب، لأنَّ جهاز الشَّرِطة الموجود ليس تابع لإدارة إدلب، لكن يجب أن يخرج هذا القانون من جهاز شرطة المرور الجديد، ويكون من صلاحيات قائد الشرطة”.
وقد توجهنا أيضاً إلى مجلس مدينة إدلب لسؤالهم عن دورهم في تفعيل جهاز شرطة مرور فعال للحدّ من كثرة حوادث المرور في مدينة إدلب، والتقينا مع أيمن أسود نائب رئيس مجلس مدينة إدلب وقال: “بالنسبة إلى حوادث السير والأعداد التي ذكرت، أعتقد أنَّه يوجد فيها مبالغة، وأنَّ المعلومة خاطئة، لكن قد تكون هذه النتيجة صحيحة على مستوى جميع المناطق المحررة، وليس فقط في مدينة إدلب، من جهة ثانية بعد التغيير الديمغرافي، وقدوم أعداد كبيرة من المهجرين إلى مدينة إدلب بسبب اتفاقية المدن الأربعة، أصبح هناك كثافة سكانية عالية في مدينة إدلب نتيجة هذا التغيير، ومن الطبيعي أن يتبعها زيادة في عدد السيارات والدراجات النارية، ومن الطبيعي أن تزداد نسبة الحوادث بزيادة المركبات.
القوة التنفيذية الموجدة كانت مسؤولة عن ضبط السير بمعلومات وبيانات سابقة قبل ازدياد عدد المواطنين في المدينة، وكان الكادر كافيا، لكن اليوم صراحةً القوة التنفيذية أصبحت غير قادرة على القيام بأعباء شرطة السير بهذا العدد الكبير نسبياً من العربات والدراجات.
نحن في مجلس مدينة إدلب بدأنا بمشروع تنمير السيارات، وهذا المشروع ليس ببسيط، وفي القريب العاجل سوف يتم الإعلان عن تشكيل شرطة مدينة إدلب، وسوف ينبثق عنها شرطة سير وشرطة أيضاً لها مهمات أخرى، وفي اليومين القادمين سوف يتم الإعلان عن هذا المشروع الوطني الذي سيكون بالبداية مشروعا تطوعيا يتكون من 100 أو 200 عنصر شرطة متطوع، وخلال الأشهر القادمة سوف يتبلور هذا الأمر بالتنسيق مع الجهات المعنية والقوة التنفيذية المسؤولة عن الأمن ومن ضمنها حوادث السير.”
أين دور مجلس المدينة من توعية الناس بهذا المجال؟
يوجد عندنا مكتب إعلامي يعمل منذ إنشاء المجلس، لكن هناك مشاكل مادية تؤثر على عمل هذا المكتب، لكن في القريب العاجل سنعمل على مشروع إعلامي على عدة مستويات منها الأمن والنظافة والتوعية بالنسبة إلى سائقي السيارات والدراجات النارية”.
من المؤسف أن نرى عددا كبيرا من شبابنا بين قتيل ومصاب بإعاقة دائمة بسبب تلك الدرجات الانتحارية، وبسبب الاستهتار بحياتهم وعدم الأخذ بأسباب الحماية والأمان، أغلب الحوادث تكون ناتجة عن طيش الشباب وقلة الوعي للأسف، لكن أين دور التوعية من الأهل لأبنائهم؟! الأهل وجميع الدوائر التي ذكرتها آنفاً مسؤولة بشكل مباشر عن كثرة الحوادث، لأنَّ كل راعٍ مسؤول عن رعيته.