إنَّ النظام السياسي الدولي هو ممارسة سياسية تنتج عن تفاعلاتٍ دوليّة تتجسَّد بالتأثر والتأثير حسب ميزان القوة والنفوذ، في أيِّ علاقةٍ بين دولتين أو تكتُّلين، فهو متغيرٌ لا تحكمه قواعد أو مبادئ، إنَّما هو من مفرزات الصراع والتنافس الناتج عن القوة العسكرية والاقتصادية والسياسية والتكنولوجية ومدى العمق في المنافع والمصالح المتبادلة بين أطراف الكتل المختلفة.
في سبر هذه الممارسة من المنظور السوري عبر مؤسسات المعارضة في بعديها الإقليمي والدولي تتَّضح لدينا بسرعة الصورة السلبية التي انتجها اعتمادنا اللاوعي على الدعم الخارجي سواء السياسي أو العسكري.
إذ ليس من الخطأ أن يكون لأيِّ حراك سياسي أو حزبي أو ثوري في أيِّ بلد دعم خارجي لكن يجب أن تكون العلاقة بين الداعم وصاحب الحراك مبنيةً على قواعد المصالح المشتركة المتناغمة مع الظروف والسياسات الدولية بمدِّها وجزرها بغضِّ النظر عن آليَّات وأدوات ومكان المواجهة والصراع مع المنافسين أو العدو المفترض.
إنَّ المصالح الفعَّالة التي تجمع دولتين أو تيارين أو أكثر في مواجهة ما، تكون في ذات الوقت أكثر جزماً في تحديد شكل العدو دون تسميته، وأقل دقةً في الأهداف المراد تحقيقها ضد الآخرين من حيث الأساليب والسياسات الواجبة في هذا المجال، وعندها يكون التكتل أقرب للمصالح المتبادلة بحكم المتغير الدائم على الساحة الدولية، وعلى هذا فأي نتيجة من الصعب أن تكون نهائية بوجود العديد من المتغيرات .
إنَّ النموذج السابق هو القاعدة التي يبني حلفاء الأسد سياساتهم عليها تجاه القضية السورية من فنزويلا غرباً مروراً بإيران إلى الصين شرقاً كلٌّ من موقعه وقوة تأثيره بما يتناسب مع مصلحة الحلف واضعين بقاء الديكتاتور المجرم بشار الأسد في سدة السلطة رأس الهرم لسياسات هذه الدول وهو ما يفسر عدم وجود تناقضات وتباين للرؤى تطفو على سطح السياسة لهذا المحور.
بينما على الطرف الآخر تبقى سياسة المعارضة ذات تحالفاتٍ براغماتية هشة مثالية التصريحات والتحركات معدومة الفعل يمكننا وصفها بتحالفات متممة لمصالح تلتقي بالقنوات والسياسات وتتناقض بالنتائج والحلول على الصعيد العمليَّاتي على أرض الواقع، وليست تسوية أوضاع الجبهة الجنوبية ببعيدة عندما غلبت الأردن مصالحها الوطنية والأمنية على حساب تطلعات المعارضة وأهدافها.
أما الأشد والأصعب في ميزان السياسة الدولية بالنسبة للمعارضة هو بناء علاقات التحالف مع الولايات المتحدة و التحالف الدولي على قاعدة الدعم السياسي والعسكري المشروط، و هو ما أدى إلى تخبط وتشتت في الرؤيا السياسية بين مكونات التيار السياسي المنقسم أصلا للمعارضة حيث انعكس ارتداده على الداخل المحرر لخلافات عسكرية وسياسية أدت لتراجع و انكسارات لا تخفى على أحد سواء ما يحدث في الغوطة الشرقية أو ما وقع في البادية السورية من خذلان أمريكي لفصائل المعارضة عقب تغيرٍ في مسار السياسة الأمريكية بسبب تفاهمات أمريكية روسية دون أدنى أيِّ اعتبار للفصائل التي تعتبر افتراضاً (حليفة).
تبقى التحالفات هي سياسة البحث عن المصالح المشتركة ولكن بنفس الوقت هناك حقيقة هي بمثابة ألف باء السياسة أنّه لا توجد عداوة دائمة كما لا توجد صداقة دائمة في العلاقات الدولية ولنا بالسيد الجبير خير مثال.